بحسب الحقيقة اللغوية، بل بحسب الحقيقة العرفية، وأهل العرف لا يعتبرون الفرق بين جمع الكثرة وجمع القلة.
وهذا الجواب باطل لوجوه:
الأول: أن البحث في / مسائل أصول الفقه إنما يقع عن تحقيق اللغة، ليحمل عليها الكتاب والسنة، والبحث عن العرف إنما يقع في أصول الفقه تبعًا، وحمل كلام العلماء على الغالب هو المتجه، ولذلك قالوا: الأمر للوجوب، والنهي للتحريم، والأمر للتكرار، والنهي للتكرار، والأمر للفور، والأمر يدل على الأجزاء، والصيغة المعرفة باللام، فيحمل كلامهم على هذا القانون.
وثانيها: أنهم إذا استدلوا، لا يقولون: قال أهل العرف: ولا فرق أهل العرف، بل يقولون: فرقت العرب بين التثنية والجمع.
وجميع اعتماداتهم على النعوت والتأكيدات والضمائر وغيرها، التي لا مدخل للعرف فيها، بل لغة صرفة، على أن مقصودهم اللغة الصرفة، وما هو كلام العرب إلا العرف الطارئ، فيقولون: الذي يدل على أن أقل الجمع ثلاثة، أنه لو كان اثنان لجوزت العرب، مررت برجال اثنين، وذلك لا يجوز، بل لا ينعت الجمع إلا بالثلاثة، وكذلك لا تؤكد الاثنان بما يؤكد به الجمع، فلا يقولون: مررت برجلين كلهم، بل كليهما، وقال العرب في ضمير التثنية: فعلًا، وفي ضمير الجماعة: فعلوا، ولا يكون أحدهما مكان الآخر، فدل على أن الجمع لا يصلح للاثنين حقيقة، وكذلك الاثنين لا تصلح للجمع حقيقة.