فيتضح حينئذ أن زيدا وغيره من الأفراد ليس لازما للمسمى، وإذا لم يكن لازما للمسمى لا يكون اللفظ دالا عليه بالالتزام، فبطل أن تكون صيغة العموم دالة على فرد من أفرادها بأحد الدلالات المذكورة، وأن هذه دلالة أخرى وهي دلالة لفظ الكلية على الجزئية، وهي غير دلالة لفظ الكل على الجزء؛ لما تقدم من أن الكلية لو كانت كلا لتعذر الاستدلال بها على ثبوت حكمها لفرد من أفرادها في النفي والنهي، فهذه خاصية من خواص صيغ العموم.
الخاصية الثانية: هي عدم التناهي، فإن مدلول صيغة العموم كلية غير متناهية الأفراد؛ لأن معناها استيعاب جميع الأفراد التي يصدق عليها (مشترك الأفراد)؛ بحيث لا يبقى فرد إلا شمله الحكم، وهذا لا يمكن أن يعقل مع التناهي، فإنا لو قضينا بالتناهي والوقوف عند حد من الأعداد في الأفراد لكان إذا وجد فرد بعد ذلك العدد فيه ذلك المعنى المشترك/ كمفهوم المشترك مثلا لا يثبت ذلك الحكم فيه، وليس كذلك بإجماع القائلين بالعموم، فلا يستقيم حينئذ القول بالعموم إلا إذا قلنا: بأن مدلول العموم كلية غير متناهية الأفراد ولا يعلم اللفظ وضع في اللغات وهو لفظ مفرد لعدم النهاية بهذا التفسير إلا صيغ العموم، فكان عدم النهاية من خواص صيغ العموم.
فإن قلت: قول القائل: عبيدي أحرار من صيغ العموم عند القائلين به،