والجواب: أنا إذا علمنا أن اللفظ في أصله يحتمل التخصيص، فقيام الدلالة على وقوعه يمنع من اعتقاد الكذب والبداء، وقبل قيام الدليل على التخصيص لا يعتقد تخصيصًا، فلا كذب، ولا بداء، وحينئذ لا كذب ولا بداء في الحالين، فاندفع المحذوران.
ثم إن حقيقة الكذب - كما تقدم تقريرها-: هي عدم مطابقة اللفظ لما استعمل اللفظ فيه، واللفظ المخصوص مطابق لما استعمل فيه اللفظ العام، فاحتمال التخصيص لا يوهم كذبًا، بل يوهم المجاز، وهو ليس بكذب، والبداء هو: أن يخبر عن شيء، ثم يبدو له في ذلك الذي أمر به، وإذا دخل التخصيص، كان البعض المراد الذي أمر به في نفي الأمر ولم يرجع المتكلم عنه، فلا بداء أيضًا على التقدير، فلا يكون احتمال التخصيص موهمًا للبداء، بل/ موهمًا أن يكون المراد غير العموم، وذلك مجاز لا بداء.
المسألة الثانية: فيما يجوز تخصيصه من اللفظ وما لا يجوز.
أعلم أن اللفظ الدال على الواحد من كل وجه، لا يمكن دخول التخصيص فيه ولا يجوز؛ لان التخصيص: إخراج بعض مدلول اللفظ عنه، وما لا بعض له لا يتصور إخراج بعضه.
والذي يتناول ماله بعض قسمان: أجزاء، وجزئيات، فالأجزاء في المركبات، والجزئيات في الأجناس والأنواع، فإذا دخلت عليها صيغ العموم تصور التخصيص وجاز.
مثال الأجزاء قولنا: رأيت زيدًا، ويريد بعض أعضائه، أو: أكلت الرغيف، وتريد نصفه.