فكم من قضية كانت متواترة في الدول الماضية ثم صارت في زمن آحادًا بل نسيت بالكلية، فلا تنافي بين الكون الخبر متواترًا قديمًا، وآحادًا في زماننا المتأخر، فما تعين بطلان دعوى العلماء لذلك.
فإن قلت: كما أنه لم يتعين عدم التواتر في الزمن القديم، لم يتعين التواتر- أيضا- لاحتمال أن يكون آحادًا أولًا وآخرًا، فكيف يصح الجزم بعدم التواتر في هذه الأخبار؟ .
قلت: العدول إذا نقلوا أن هذه الأحاديث كانت متواترة، وأن النسخ وقع لها وهي متواترة قبل قولهم في ذلك، وجب اعتقاده كسائر الروايات التي يرويها العدول.
المسألة الرابعة:
يجوز تخصيص السنة المتواترة بالكتاب، وعن بعض فقهاء أصحابنا أنه لا يجوز.
حجة الجواز: ما تقدم من أنه: إما أن يعلم بالخاص والعام إذا تعارضا، فيجتمع النقيضان، أو يلغيا (وأحدهما) للنفي والآخر للإثبات، فيلزم من إلغائهما إلغاء النفي والإثبات، فيرتفع النقيضان، أو يقدم العام على الخاص، فيلغى الخاص بجملته، وإلغاء الدليل على خلاف الأصل، أو يقدم الخاص على العام، فيكون كل واحد منهما معمولًا (به)، وهو أولى من إلغاء أحدهما بكليته، وهو المطلوب.