قلت: وقد تقدم أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال، فكل ولد أوجب العموم بورثته في حالة مطلقة، وهذا باق على عمومه؛ لأن كل ولد يرث في حال عدم القتل والرق والكفر، وهذه حالة خاصة، فيصدق أنا عملنا بمقتضى العموم، ويكون الحديث مقيدًا لتلك الحالة المطلقة، لا مخصصًا للعموم، وكذلك حديث الرجيم مقيدًا للحالة المطلقة، لا مخصصًا لعموم آية الزناة، فإن الآية إنما اقتضت جلد كل زان وزانية في حالة مطلقة واحدة، ونحن نجلد كل زانية وزان في حالة، وهي حالة عدم الإحصان، فالعموم باق على عمومه، فلا تخصيص حينئذ، بل التقييد فقط.
سؤال:
كيف تقول العلماء: إن هذه الأحاديث متواترة، مع أن رواتها في الصحاح ما بلغوا حد التواتر، غايته ثبوت الصحة؛ لثبوت العدالة، وهي رواية واحد أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة عن أربعة كذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه الأعداد لا تفيد التواتر، فكيف يدعى التواتر في غير موطنه؟
جوابه:
أن السؤال إنما يرد إذا كان زماننا هو زمان النسخ والقضاء به، لكنا لا ندعي ذلك بل ندعي أن زمان النسخ هو زمان الصحابة رضي الله عنهم، وهذه الأحاديث كانت متواترة في ذلك الزمان، والمتواتر قد يصير آحادًا،