بالاستثناء من الإثبات، فإنه نفي، فكان حكم بني تميم عدم الرؤية، مستفادا من الاستثناء بطريق المفهوم الذي هو دلالة الالتزام.
فإن قلت:(إلا) موضوعة للإخراج مما قبلها فتكون تدل على الخروج من الإثبات السابق بالمطابقة؛ لأنه مسماها الذي وضعت له، فلا يكون من باب دلالة الالتزام، فلا يصح التمثيل بالاستثناء في هذا الباب.
قلت: سؤال حسن قوي، الجواب عنه: أن (إلا) موضوعة للإخراج كما تقدم، كان نفيا أو إثباتا، غير أن الخروج من الإثبات إنما يلزم منه النفي إذا دل العقل على أنه لا واسطة بين النقيضين، فإنه يلزم من ارتفاع أحد النقيضين وقوع الآخر، فإذا حصلت هذه المقدمة عند العقل، ودل لفظ الاستثناء على الخروج مما قبلها، استفدنا نقيض الحكم السابق بواسطة المقدمة العقلية مع لفظ الاستثناء، فهذا معنى قولنا: إن لفظ الاستثناء يدل بالمفهوم على بعض الحكم السابق أي يلزمه النقيض إذا خرج من النقيض المتقدم، فحصل اللزوم من المقدمة العقلية المانعة من ارتفاع النقيضين، والمثبتة للحصر فيها، إلا أن لفظ (إلا) دل بالمطابقة على ثبوت نقيض ما قبل (إلا) بعدها، بل إنما دل لفظ (إلا) بالمطابقة على الخروج مما قبلها ليس إلا/ أما الدخول في نقيضه فلا، بل بواسطة المقدمة العقلية، فصح أن دلالة الاستثناء من باب دلالة الالتزام، لا من باب دلالة المطابقة، فتأمل هذا الموضوع سؤال وجوابا، فإنهما دقيقان صعبان.
الجنس الثامن: مفهوم الزمان، كقولنا: سافرت يوم الجمعة، مفهومه أنه لم