قام أحد إلا زيد؛ لأن المعنى نقيضه، فيصير كغير المفرغ حرفًا بحرف، ونحن نقول: زيد فاعل بالفعل المنفي السابق قبل "إلا"، وهو الذي أسند إليه عدم القيام، فهو غير قائم، واللازم من مذهب الحنفية أن يعربوه بدلًا، لا فاعلًا، ويكون الفاعل مضمرًا تقديره: ما قام أحد، فلا يكون زيد فاعلًا.
وهذا ينكره جمهور النحاة _أعني: حذف الفاعل_ ما أجازه إلا الشذوذ منهم، فهذا هو تلخيص صورة النزاع، والشافعية والحنبلية والمالكية على خلاف الحنفية في هذه المسألة.
احتج الجمهور بأمور:
أحدها: أن ما ذكرناه هو المتبادر عرفًا، فوجب أن يكون لغة كذلك؛ لأن الأصل عدم النقل والتغيير، فلا يفهم أهل العرف من قولنا: ما قام القوم إلا زيدًا، إلا أن زيدًا قائم. وكذلك: قام القوم إلا زيدًا، لا يفهمون إلا أنه غير قائم، وفي المفرغ: ما قام إلا زيد، لا يفهمون إلا أنه قام.
وثانيها: أن الاستثناء من النفي لو لم يكن إثباتًا، لما كان قولنا: لا إله إلا الله موجبًا لثبوت الألوهية (لله عز وجل، بل كان معناه: نفي الألهية عن غيره، فأما ثبوب الألهية له) فلا؛ لأن المستثنى غير محكوم