مع أن الذي يملكه الإنسان عدد محصور قطعا، وربما كان العبيد ثلاثة فقط، وهذا محصور قطعا، وكذلك قول القائل: أعط هذه الدراهم لمن في الدار، والذي في الدار محصور قطعا، وقد يكون واحدا، ومن المحال أن يكون في الدار عدد غير منضبط، (بل هو منضبط) بعدد محصور قطعا، فبطل القول بأن مسمى صيغ العموم لا بد وأن يكون غير متناه.
نعم، قد يكون غير متناه نحو: اقتلوا المشركين، وقد يكون متناهيا نحو المثل المتقدمة، وكذلك قول القائل: كل من خلقه الله الآن ممكن، فهذا من أبلع صيغ العموم، مع أن محصور في (الآن)، والآن زمن فرد لا يقبل أن يكون فيه من المخلوقات ما لا يتناهى؛ لأنه قد قامت البراهين العقلية على استحالة دخول ما لا يتناهى في الوجود دفعة، فالواقع حينئذ في الزمن الموصوف بقولنا:(الآن) عدد محصور متناه، مع أن هذا اللفظ من أبلغ صيغ العموم، فيبقى حينئذ أن الصيغة العامة قد يكون مسماها محصورا وقد يكون غير محصور، فإطلاق القول بأن مسماها دائما غير متناه لا يستقيم.
قلت: أسئلة حسنة قوية، ومع ذلك فالجواب عنها يبنى على قاعدة، وهو أن الواقع من العموم لا يلزم أن يكون مسمى العموم، بل الواقع له حكم، والعموم من حيث هو عموم حكم، فالواقع دائما متناه والعموم دائما غير متناه، فتأمل ذلك.