وكذلك إذا قلت: حرمت عليك هذه الميتة، لكان اللفظ- أيضا- موضوعا لتحريم المناع المتعلقة بها، المقصودة منها، ولم يحتج إلى تقدير مضاف بعد هذا النقل؛ لأنا إنما قدرناه لأن اللفظ لم يكن موضوعا له، بل لتحريم الذوات، فلما صار اللفظ موضوعا له عرفا استغنينا عن تقدير بسبب التصريح، ولو قلت حرمت عليكم الأفعال الخبيثة أو المشتملة على المفاسد لم يكن فيه نقل عرفي، بل ذلك بالوضع اللغوي من غير احتياج إلى تقدير مضاف ولا نقل؛ لأن هذا المواطن لم يحتج إلى حذف مضاف ولا تقديره، بل اللفظ في نفسه لا مجاز فيه ولا حذف كامل واف بالدلالة على هذا المعنى من غير احتياج إلى ضميمة، وإنما حصل النقل هنالك؛ لأنه كان محتاجا باعتبار الوضع اللغوي إلى مضاف محذوف، فتأمل ذلك.
الثاني/: قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} / فمقتضى اللغة، أن يكون المحرم هو هذه الأعيان، والقواعد المتقدمة تمنع من ذلك من جهة أنها غير مقدورة، بل الجميع محتاج إلى تقدير مضاف تقديره: أكل الميتة، وشرب الدم، وأكل لحم الخنزير، وإن أردت أن تقدر مضافا واحدا يشمل الجميع قلت: تناول الميتة والدم ولحم الخنزير، فالمتناول يشمل الجميع وحينئذ يصح إسناد التحريم لهذا المضاف، وإلا فالميتة ليست حراما إجماعا، والدم والخنزير ليسا بحرامين إجماعا، وإنما الحرام تناولهما، كذلك الخمر لا يحرم (تناولها) إجماعا، بل شربها وهو فعل يتعلق