بداخل، فلا يتناوله هذا اللفظ ألبتة إجماعا، وكذلك لو أعطي المأمور بالدفع لعاقل لم يدخل الدار، استحق العتب، وإذا كان اللفظ إنما وضع للعاقل الداخل والعقل الداخل أخص من العاقل، واللفظ الموضوع للأخص لا يلزم أن يكون موضوعا للأعم، كما أن لفظ الإنسان لما وضع لما هو أخص من الحيوان، لم يقل أحد إن لفظ الإنسان موضوع للحيوان، كذلك ها هنا.
هذا في (من) الشرطية، وكذلك الموصولة في قولك: أعجبني من دخل الدار، لا يتناول اللفظ عاقلا لم يدخل الدار، لا يتناول اللفظ عاقلا لم يدخل الدار، بل إنما هذا اللفظ موضوع للعاقل الداخل، فهو موضوع لما هو أخص من العاقل، والموضوع لما هو أخص من العاقل، لا يكون موضوعا للعاقل، وإنما تكون (من) موضوعة للعاقل إذا استعملت نكرة موصوفة كذلك: مررت بمن معجب لك، أي بعاقل معجب لك، وكذلك على اللغة الشاذة في استعمالها نكرة غير موصوفة في قولهم: أكرم من منا، كما قاله ابن جني وغيره.
أما أنها موضوعة لمن يعقل مطلقا، حتى في الموصولة، والشرطية، والاستفهامية فلا، بل هي موضوعة في الاستفهامية في قولك: من في الدار؟ للعاقل الكائن في الدار خاصة، أما عاقل ليس في الدار، فلم تتعرض باستفهامك له ألبتة.
فظهر بهذا التفصيل، في هذا السؤال، بطلان قول النحاة والأصوليين: إن من موضوعة لمن يعقل مطلقا.