سلمنا أن ما ذكرتموه يقتضي أن تكون هذه الصيغة للعموم، لكنا نستدل على أنها ليست للعموم من وجه آخر، وهو أنها لو كانت للعموم لكان دخول الاستثناء عليها نقضا، فإنها وجدت حينئذ بدون العموم، ووجود الدليل بدون المدلول نقض عليه.
والجواب عن الأول: وهو النقض بجموع القلة، فلا نسلم أنه يصح استثناء أي عدد شئنا، فلا يقال: أكلت أرغفة إلا ألف رغيف، فإنها للعشرة فأقل، واستثناء أكثر من العشرة من اللفظ الموضوع للعشرة محال، واتفقنا على أنه لا يجوز استثناء أي عدد شئنا من صيغ الاستفهام والشرط ونحوها، وأنه يقال: من دخل داري فأكرمه إلا أهل البلدة الفلانية.
وعن الثاني: أنا نلتزم أن تكون صيغة الأمر للتكرار، فإنه قول مشهور.
وعن الثالث: أنه إذا صبت (أن) الاستثناء من الجمع المنكر يخرج من الكلام ما لولاه لصح دخوله فيه، فلم قلتم بأنه في المعرف وبقية/ الصور؟ ! كذلك قوله: لا يحسن استثناء الملائكة وملك الهند ونحو ذلك.
قلنا: إنما لم يحسن استثناء هذه الصور؛ لأن مقصود الاستثناء حاصل بالقرينة، حتى لو كان الكلام عريا عن القرينة، بأن يكون حال المتكلم لا يمتنع عليه هذه الطوائف، يحصل الاستثناء، كما لو قال تعالى: (أطعم