فإن قلت: استدلال بالاستعمال على أن المجاز خلاف الأصل على كونه حقيقة.
قلت: قولك المجاز خلاف الأصل، يفيد الظن، وعندك المسألة يقينية، وأيضا فكما أن المجاز خلاف الأصل، فكذلك الاشتراك، وقد تقدم في كتب الأصول أن المجاز أولى من الاشتراك.
وأما قوله: إذا لم يجعل هذا طريقا إلى كون اللفظ حقيقة، لم يبق لنا طريق أصلا.
قلنا: قد بينا فساد هذا الطريق، فإن لم يكن هاهنا طريق آخر إلى الفرق بين الحقيقة والمجاز وجب أن يقال: إنه لا طريق إلى ذلك الفرق؛ لأن ما ظهر فساده لا يصير صحيحا لأجل فساد غيره.
قوله- ثانيا-: إما أن تعرف بالضرورة أو بالدليل، والضرورة باطلة، لوقوع الخلاف فيها، والدليل باطل؛ لأنا لم نجد في أدلة المخالفين ما يدل عليه.
قلنا: الضرورة لا ينكرها الجمع العظيم من (العقلاء، وقد ينكرها النفر اليسير، ولا نسلم أن الجمع العظيم من) أهل اللغة نازعوا في أن لفظ (الكل) و (أي) للعموم.
سلمنا ذلك، ولكن لا نسلم أ، هـ لم يوجد ما يدل على أنها مجاز في الخصوص.
قوله: نظرنا في أدلة المخالفين فلم نجد فيها ما يدل على ذلك.