وأما في وقائع الأحوال، فكما جاء في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي الذي جاء يضرب صدره وينتف شعره (اعتق رقبة)، فيحتمل أن يكون أمره بذلك، لكونه أفسد صومه، ويحتمل أن يكون ذلك، لكونه أفسده بالجماع، أو لكونه أفسد مجموع الصومين، كل هذه الاحتمالات مستوية بالنسبة إلى دلالة اللفظ، ولا يتعين أحدها من جهة اللفظ، بل من جهة مرجحات العلل وقوانين القياس. فهذه احتمالات في نفس الدليل، فيسقط الاستدلال به على ما الاحتمالات فيه متقاربة، /ونظائره كثيرة.
ومثاله في المحل المحكوم عليه قوله تعالى:{فتحرير رقبة} هذا لفظ صريح في إيجاب إعتاق رقبة، غير أن تلك الرقبة يحتمل أن تكون بيضاء أو سوداء أو غير ذلك، والمعتق يحتمل أن يكون شيخا أو كهلا أو غير ذلك من الأحوال والاحتمالات فيعم الحكم جميع الاحتمالات، بمعنى أنها كلها قابلة لذلك الحكم؛ لأنه يتعين ثبوت الحكم في جميع تلك الموارد، فهو عام عموم الصلاحية، لا عموم الشمول، غير أنه لا يختص ببعض تلك الصور. فهذا مقصود الشافعي في أنه يتنزل منزلة العموم في المقال.