وكذلك قوله تعالى:{والسارق والسارقة}، و {الزانية والزاني}، لم يحكم بأن أحدا سرق ولا زنى، بل حكم بوجوب القطع والجلد خاصة، وهذه الطوائف متعلق هذا الحكم، فهذا الطور كله حقيقة مطلقا في المستقبل وغيره، ولولا ذلك لسقط الاستدلال بالكتاب والسنة في مواطن الأحكام.
بيانه: وذلك أن قولنا: ماض وحال ومستقبل في المشتق (إنما هو) بحسب زمن التخاطب وصدور الصيغة، ولا خفاء أن صيغ الكتاب والسنة إنما صدرت في زمنه عليه الصلاة والسلام، فزماننا مستقبل بالنسبة إلى ذلك الزمان قطعا، فلا يكون لفظ القرآن متناولا لسراق زماننا وزناتهم ومشركيهم وغير ذلك من الطوائف التي أضيف إليها الأحكام وتعلقت بها إلا على سبيل المجاز، فعلى هذا متى ادعينا ثبوت حكم/ في صورة اليوم من هذه الصور.
ويمكن أن يقال: تناول اللفظ لهذه الصورة إنما هو على سبيل المجاز، والأصل عدم المجاز حتى يدل الدليل عليه، فيحتاج كل دليل إلى دليل، ويقف منها جميع ألفاظ الكتاب والسنة، لأجل تطرق المجاز، وهذا لم يقل به أحد، فدل ذلك على أن المراد بقول العلماء: إنه مجاز، باعتبار المستقبل إجماعا، إنما هو إذا كان محكوما (به)، وهو الذي جرت عادتهم أن يمثلوا به، والمذكور في سياق كلامهم أبدا، فيحصل حينئذ الجمع بين الإجماعين: الإجماع على