وبقوله تعالى في قصة يعقوب عليه السلام:{عسى الله أن يأتيني بهم جميعًا}، والمراد: يوسف وأخوه، وبقوله تعالى:{وغن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا}، ونحو ذلك من الاستدلال بمحض اللغة الصرفة، ولم نجد لهم استدلالًا إلا كذلك في جميع الكتب/ الموضوعة للأصول والفقه، وذلك يدل على أن مقصودهم اللغة، لا العرف.
وثالثها: سلمنا أنهم يبحثون عن الحقيقة العرفية، فما بالهم لا يعرجون على الحقيقة اللغوية ألبتة، ولا يذكرونها أصلًا؟ ! وعادتهم أن كل موطن ذكروا فيه الحقيقة العرفية، فلابد أن يذكروا فيه اللغوية، ونسوا وجه النقل عنها في العرف، هذه عادتهم، وها هنا لم يتعرضوا لذلك أصلًا، بل إنما يذكرون موضوعات العرب في الضمائر والأسماء الظاهرة، وذلك يوجب القطع بأن مرادهم الحقيقة اللغوية، دون العرفية.
ومنهم من يجيب بأن جمع الكثرة يصدق على ما دون العشرة حقيقة، وإنما جمع القلة لا يتعدى العشرة، فعلى هذا يكون أقل الجمع مطلقًا اثنان:
وهذا باطل؛ بما تقدم من النقل عن الزمخشري وغيره: أن لفظ الكثرة والقلة لا يستعمل أحدهما مكان الآخر إلا مجازًا، وكتب التفسير مملوءة من ذلك، خصوصًا الكشاف، فما بقي الخلوص من هذا الإشكال إلا بالطعن في هذه النقول، ولا سبيل إليه، فيبقى الإشكال على حاله.