يستلزم عدم الدلالة على التابع، كما أن عدم المتبوع يستلزم عدم التابع.
وكذلك القول في البقاع والأزمان، فإن لفظ المشركين، لا يدل على مدينة خاصة لهم، ولا على جميع مدائنهم، وكذلك لا يدل على زمان معين، فقد يوجد في ذلك الزمان دون هذا، وفي هذا دون ذاك فإن الدلالة إن انتفت عن أصل الوجود، انتفت عن تعيين زمان الوجود ومكانه بطريق الأولى.
وكذلك المتعلقات، وهي ما به أشركوا، فلا يدل لفظ المشركين على وقوع الشرك بالكواكب، أو بالقمر، أو بالبقر، أو غير ذلك مما يقع به الشرك، بل إذا سمعنا المشركين أمكن أن يكونوا كلهم أشركوا بالأصنام، أو كلهم أشركوا بالكواكب، أو غير ذلك مما يقع به الشرك، فإن اللفظ إذا لم يدل على أصل الوجود، لم يدل على وجود الشرك بشيء معين، لا بالمطابقة، ولا بالتضمن، ولا بالالتزام، وإذا انتفت الدلالات الثلاث لما تقدم، انتفت الدلالة مطلقًا وهو المطلوب، بل نحن نعلم بالضرورة أن المشرك لا يقتل إلا في زمان ومكان وحالة، ويكون شركه واقعًا بشيء من الأشياء، بل يدل لا على قتل كل مشرك في مطلق الحال، ومطلق الزمان، ومطلق المكان، ومطلق المتعلق، لأن هذه المطلقات من لوازم القتل ووقوعه، فيكون اللفظ دالًا عليها بطريق الالتزام، أما خصوص حالة، أو مكان / أو زمان، أو متعلق فلا، فضلًا عن العموم في ذلك، هذا من حيث النظر العقلي.
وبرهان آخر من جهة الأوضاع اللغوية: أن اللغويين نصوا على انك إذا عبرت عن الأجناس العامة والحقائق العالية، نحو: المخلوق، والموجود،