سالبة جزئية، لا سالبة كلية، وحينئذ لا يناقض قولنا: اقتلوا المشركين، الذي معناه: اقتلوا كل مشرك في حالة ما، إلا في قولنا: زيد المشرك، أو الفريق الفلاني لا يقتل في حالة ما ألبتة؛ لأن هذه سالبة كلية تناقض الموجبة الجزئية المتقدمة، إما إذا قال: بعض المشركين لا يقتل في حالة خاصة، كحالة الذمة أو نحوها، فإن ذلك لا يكون منافيًا ولا مناقضًا؛ (لأنه) لا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم، ولا من النفي في الأخص النفي في الأعم، ولا يلزم من قولنا: إن الله لا ينعم أهال الجنة في ذكر النار، أن يبقى مطلق النعيم، لاحتمال أن ينعمهم في دار أخرى، وكذلك إذا قلنا: زيد لا يصوم في السفر، لا يلزم (منه) أنه لا يصوم مطلقًا، هذا مثال في النفي في الخاص.
وأما نفي الخاص، فلا يلزم منه نفي العام، فنحو قولنا: هذا ليس بإنسان، لا يلزم (منه) أنه ليس بحيوان. وكقولنا: هذا ليس بزوج، لا يلزم أنه ليس بعدد، وهذا ليس بحيوان، لا يلزم أنه ليس بجسم، فظهر لك أن نفي الخاص لا يلزم منه نفي العام، وأن النفي في الخاص لا يلزم منه النفي في العام.
وبهذه القواعد يتبين لك أن قوله تعالى:{فاقتلوا المشركين} ما دخله تخصيص ألبتة بفريق من الفرق، ولا بشخص من الأشخاص، أما توهم تخصيصه بالنساء فباطل، بسبب أن صيغة المشركين صيغة تذكير، لا تتناول الإناث، والتخصيص فرع التناول، فحيث لا تناول لا تخصيص، وأما أهل الذمة، فلم يحصل بهم تخصيص أيضًا بسبب أنهم طائفة من المشركين،