أي شيء أردت بيمينك؟ فيقول (له): أردت به الكتان، فيقول له: لا تحنث بغيره، فهذا السؤال خطأ، وجوابه المفتى -أيضًا- خطأ، فإنه إذا قصد بيمينه شيئًا، لا يلزم منه عدم الحنث بغيره، حتى يقصد إخراجه، فتلقين المفتي هذا السؤال وجوابه عنده خطأ ظاهر، مجمع عليه بين المحققين، وإن كان أهل العصر لا يفعلون إلا ذلك -ولم أر أحدًا يفعل غير ذلك ألبتة- ويجعلون النية المؤكدة مخصصة، وهو خطأ صراح.
فإن قلت: كتب العلماء مشحونة بأن اللفظ العام يستعمل في الخاص، ولا معنى لاستعماله فيه إلا إرادته بالحكم، وإذا كان هذا استعمال العام في الخاص، كان ما عدا هذا الخاص لا يثبت الحكم فيه، هذا هو عين التخصيص، وهو يبطل ما ذكرته.
قلت: لا نسلم أن هذا تفسير استعمال العام في الخاص، وأن هذا مقصودهم. بل مقصودهم باستعمال العام في الخاص القصد إلى إخراج بعض أفراد العام عن حكمه حتى يبقى اللفظ العام مستعملًا في الخاص الباقي بعد الإخراج، وإجماعهم على أن المخصص لابد أن يكون منافيًا، يعضد ما ذكرته، ويبطل التفسير الأول جزمًا، ويعين ما ذكرته.
فإن قلت: لو صرح وقال: والله لا لبست ثوبًا كتانًا، لم يحنث بغير الكتان، وإن لم يكن له نية في إخراج غير الكتان (مع أن الكتان وغيره) كان مندرجًا تحت/ عموم لفظه، فصار لفظ الكتان والتصريح به مؤكدًا لما اندرج في عموم لفظه من الكتان، حتى صار الكتان منطوقًا به مرتين، فقد صار