الدلالات، وإذا لم يكن لها دلالة ألبتة، انتفت دلالة المفهوم؛ لأنها من باب دلالة الالتزام، وحينئذ لا يكون في النية ما يعارض دلالة العموم، فبقيت سالمة عن المعارض فحصل الحنث بها حينئذ.
وهذا/ جواب حسن، وفرق جميل، غير أن عليه سؤالًا صعبًا، وهو: أن الناس اختلفوا في دلالة المفهوم، هل هي حجة أم لا؟ ، وهل هي موجودة أم لا؟ ، وإذا قلنا: بأنها موجودة حجة، فهل يخصص بها العموم، لكونها أخص، أو لا تخص، لضعفها؟ ، وهو اختيار الإمام فخر الدين وجماعة.
قولان في ذلك كله، فيلزم على القول بأنه ليس بحجة، أو انه حجة لكنه لا يخصص العموم، أن يحصل الحنث عند القائلين بعدم ذلك، لكنهم لما أجمعوا على عدم التحنيث، دل ذلك على أن المدرك في عدم التحنيث ليس هو دلالة المفهوم، بل هو أمر آخر، وهو المدرك الأول، فإنه ليس عليه سؤال، وهو مدرك حسن، ويمكن أن يقال: المدرك عند القائلين بالمفهوم المدرك الأول مع المفهوم، فلهم مدركان.
والقائلون بأنه ليس حجة، أو هو حجة لكنه لا يخصص العموم، المدرك عندهم هو المدرك الأول فقط.
فهذا هو تلخيص الفرق بين النية المؤكدة والنية المخصصة، وهو من الأمور المهمة، والمسائل العظيمة، التي يحتاج إليها مع إلمام في الفتاوى، وأكثر العلماء والفقهاء لا يحققها، ولا يحسن السؤال عنها، ولا يحكم الجواب الفاسد فيها من الجواب الصحيح، الذي هو مدار الفتوى، فتأمل ما تقدم، وحققه تنتفع به إن شاء الله تعالى.