وكذلك الغاية، في قوله تعالى:{حتى يعطوا الجزية عن يد وهو صاغرون} لا يكون تخصيصا أيضا؛ لأنه يقتضي قتل كل مشرك في حالة الامتناع عن الجزية، وهذه حالة خاصة، وإذا قتلنا كل مشرك في حالة خاصة، فقد قتلنا كل مشرك في مطلق الحال، وهذا هو مقتضى العموم، فلم يخرج من أفراده شيء، ولم يوجد ما خالف العموم، بل ما قيده.
وكذلك قوله: اقتلوا المشركين إلا من يحارب، هذا الاستثناء يقتضي إخراج غير المحارب، وإن كان مشركا، يقتل في حالة الحرابة، وهي حالة خاصة مستلزمة لمطلق الحال، فالعام باق على عمومه.
وهذه كلها تقييدات لمطلق الحال المدلول عليها التزاما، لا مخصصا، وكذلك القول في بقية العشرة التي تقدم أنها لاحقة بالأربعة المنصوص عليها.
نعم، قد تقع هذه الصيغ في مواد تقتضي لخصوص تلك المواد التخصيص، وخصوص بعض الأفراد من العموم في جميع الأحوال، ولا يثبت لها الحكم في حالة من الأحوال ألبتة، كقولنا: قدرة الله تعالى قابلة للتأثير في كل معلوم إن كان ممكناً، فقولنا: إن كان ممكناً، يقتضي هذا الشرط إخراج المستحيلات والواجبات من قبول تأثير القدرة، ولا يثبت للقسمين قبول التأثير في حالة ألبتة، فإن هذه الحالة الخاصة التي هي حالة الإمكان، لا يمكن أن يتعداها الحكم إلى غيرها ألبتة، بخلاف قولنا: إن حاربوا، فإن المحارب قد يترك الحرابة ويصير ذميا أو غير ذلك، فوصف الإمكان ميسر الزوال، وحصول