المفردات، وإذا كانتا وقعتا بالاشتراك للسلب المطلق والاستثناء، فلا يرد أحدهما نقضا على الآخر، كما تقدم (في غير).
فإن قلت: فهل يجري ذلك في الصفة، فيكون وضع الصفة والشرط والغاية مشتركا، يعني ما قلته: في (غير) وأخواتها، وعلى هذا لا يحتاج إلى إخراج هذه الحقائق عن حد الاستثناء، فإنها من حيث وضعت للاستثناء لا تدخل في الكلام إلا لإخراج بعضه؟ .
قلت: ليس كذلك، والفرق: أن (غير) يقصد بها الاستثناء تارة، والصفة أخرى، ويكون المقصود مختلفا في الحالين، ومتى كانت المقاصد مختلفة في الاستعمال-والأصل في الاستعمال الحقيقة- لزم أن يكون اللفظ مشتركا؛ لأجل اختلاف المعنى.
أما الصفة، فمقصودها في الحالين واحد، وهو الوصف، ثم يتفق بطريق اللزوم الخروج على رأي من رآه، فإذا قلنا: أكرم قريشا الطوال، ليس المقصود إلا الصفة كقولنا: أكرم زيدا الطويل، وإن لزم من ذلك إخراج القصار عن هذا الحكم، فالمقصود واحد، فلا يكون اللفظ مشتركا.
وكذلك الشرط، مقصوده في الحالات كلها إنما هو التعليق، وتوقيف أمر، ودخوله في الوجود على دخول أمر آخر، وقد يتفق بطريق اللزوم للإخراج، كقولنا: أكرم قريشا إن أطاعوا الله تعالى، فالمقصود توقيف الإكرام على الطاعة، وإن لزم من ذلك إخراج العصاة، وإن كان المقصود واحدا، لا يكون اللفظ مشتركا، بخلاف "غير" و"ليس" و"لا يكون"، في قولنا: قام القوم لا يكون زيدا، تقديره: ليس بعضهم زيدا، فالمقصود إخراج بعض القوم