يحتمل أن يكون الجزء المدلول عليه تضمنا، فإنه يجوز أن يستثنى من المجموع مسمارا، كما يجوز أن يستثنيه من المسامير وحدها، غير أنه إذا ادعى هذا، وهو أنه استثناء من التضمن، لا يلزم الترجيح من غير مرجح الذي تقدم تقريره في الإشكال، بخلاف المركبات البسيطة، يلزم فيها الترجيح من غير مرجح جزما، مع أنه ترجح أن يكون من التضمن دون المطابقة، لقرينة اختصاصه بأحد الجزئين، وإنما ترجح المطابقة في المركبات من البسائط.
وأما مثال الالتزام: فهو الاستثناء من لازم من لوازم المسمى أو عارض من عوارضه، كقوله تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام:{لتأتنني به إلا أن يحاط بكم}، فاستثنى من الأحوال حالة الإحاطة، والأحوال يلزم بعضها مسمى الإتيان، / ولا بعض جزئه. (١٥٢/ ب)
ومثله: قوله تعالى: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون}، أي لا يأتيهم ويأخذهم إلا في هذه الحالة، واستثنى من الأحوال هذه الحالة، والأحوال أمور خارجة عن هذا المسمى، وهو الإتيان.
وكذلك قوله تعالى:{وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين}، أي لا يأتيهم ويجدهم إلا في هذه الحالة.
قال الفقهاء: ومن هذا الباب قولهم: عندي ألف درهم إلا ثوبا، قالوا: لأن معناه أن الألف يلزمها قيمة ثوب وأكثر من ثوب، فاستثناء الثوب استثناء من اللازم للألف، لا من أجزاء الألف، ولا من الألف.