بيان مقتضى الفساد: أن الاستثناء بعد المستثنى منه إنكار بعد الإقرار، فيكون مردودًا.
بيان الفارق: أن الشيء القليل يكون في معرض النسيان؛ لقلة التفات النفس إليه، فإذا أقر بالعشرة، فربما كانت العشرة تنقص شيئًا قليلًا؛ لكونها كانت تامة، وأدلى ذلك الشيء القليل ونسيه؛ لقلته، فلا جرم والكثير يكون مدروكًا مخصوصًا، لكثرة التفات النفس إليه، (فلا جرم) أقر بالعشرة الكاملة، ثم إنه بعد الإقرار تذكر ذلك القدر، فوجب أن يكون متمكنًا من استدراكه، فلأجل ذلك شرعت العرب والشريعة، استثناء الأقل من الأكثر، ولم يوجد هذا المعنى في استثناء المثل أو الأكثر، لما ذكرنا أن الكثرة فطنة الذكر، ومتى ظهر الفارق بقي المقتضى سليمًا عن المعارض.
وأجاب خصومه: بأن الاستثناء مع المستثنى منه كاللفظة الواحدة الموضوعة لما بقي بعد الاستثناء، فالخمسة لها عبارتان في اللغة: خمسة، وعشرة إلا خمسة، وعلى هذا التقدير يمنع أن الاستثناء إقرار قعد الإنكار، فإنه حينئذ ما أقر إلا بخمسة، والعشرة لا دلالة لها مع الاستثناء حتى يكون لفظها إقرارًا، بل مجموع اللفظين وضع لما بقي حقيقة، ويؤكد ذلك ما تقدم من القاعدة وهي: "أن ما لا يستقل بنفسه إذا اتصل بما هو مستقل بنفسه صير