الواقع في أحد هذه الأبواب الثلاثة، بخلاف الشروط اللغوية هي الأسباب، وهي التي يترتب عليها المشروط، وإذا كانت الشروط اللغوية أسبابًا، والأسباب مواطن المصالح والمقاصد وتكون أشرف وأنفع، فيتناسب عودها على جملة الجمل تكثيرًا للمصلحة التي في ضمن السبب، أما الاستثناء فهو إخراج ما عساه اندرج/ (١٦٢/ أ) في الكلام وليس منه، فهو يلغي غير المقصود عن المقصود ولا يحقق مقصودًا، فضعف عن رتبة الشرط، وظهر الفرق بينهما، فلا يلحق أحدهما بالآخر.
وقوله:"الاستثناء في الآية يجري مجرى الشرط.
قلنا: لا نسلم أن معنى قوله: {إلا الذين تابوا} هو معنى: عن لم يتوبوا؛ لأن قوله: إن لم يتوبوا، يقتضي "أن" عدم التوبة بسبب الفسوق، كقولنا لزيد الكافر: مخلد في النار إن لم يسلم، يقتضي أن سبب تخليده هو عدم إسلامه، وها هنا ليس عدم الفسوق هو عدم التوبة، بل القذف السابق، وهو سبب مستقل في ثبوت حكم الفسوق، فلا يحتاج إلى ضم سبب آخر إليه، بل معنى قولنا: إن لم يتوبوا، إشارة إلى نفي المانع من القضاء بالفسوق، ففي هذا الشرط على هذا التقدير توسع بالنسبة إلى قاعدة الشروط وغالبها.
وقوله: "الاستثناء بالمشيئة يعم فكذلك هذا الاستثناء".
فكما فيه خلاف سلمناه، ولكن الفرق أن الاستثناء بالمشيئة جعله الشرع سببًا