يقال: جرت العادة بأن العظم الواحد لا ينثني لصلابته، فحيث انثنى دل انثناءه على أنهما عظمان، أما البهيمة التي ليس لها إلا الحس فإنها تقتصر على المقام الأول، وهو إدراك الحركة والالتصاق بين الساعد والعضد، ولا يعرف أن هناك فصلاً بين العظمين أم لا.
وعلى هذا المذهب يجاب عن قول القائل: لم كانت الغاية مندرجة في الوضوء دون الصوم؟ بأن الغاية غير معلومة بالحس في الصوم دون الوضوء، فإنه لما لم يكن المرفق منفصلًا بمفهوم معلوم بالحس لم يكن تعيين بعض المفاصل لذلك أولى من بعض، فوجب دخولها في حكم ما قبل الغاية، هذا هو الذي رأيته للأصوليين منقولًا هكذا مطلقًا.
والذي أراه التفصيل بين (حتى) و (إلى)، فلا ينبغي أن يجري في (حتى) خلاف البتة، بل يقال: الغاية فيها مندرجة قولًا واحدًا؛ لأن النحاة قالوا: إن المعطوف بحتى يشترط فيه أربع شروط: أن يكون من جنسه، داخلا في حكمه آخر جزء منه، أو متصلا به، فيه معنى التعظيم أو التحقير فصرحوا فيه بأنه مندرج في حكم ما قبل الغاية، ولم أر في هذا الشرط خلافا عند النحاة، ولم يذكروا هذا الشرط فيما بعد (إلى)، وحكاية الأصوليين الخلاف مطلق من غير تفصيل، وقول النحاة فيه تفصيل فينبغي أن يحمل الإطلاق على التفصيل، ويكون الخلاف مختصًا بـ (إلى) دون (حتى).