قال الإمام فخر الدين رحمه الله: التحقيق في هذا: أن اللفظ العام إما أن يكون متناولًا للرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو لا يكون متناولًا له، فإن كان متناولًا له، كان ذلك الفعل مخصصًا لذلك العموم في حقه - صلى الله عليه وسلم -، وهل يكون مخصصًا للعموم في حق غيره؟
فنقول: إن دل الدليل أن حكم غيره كحكمه في الكل مطلقًا، أو في الكلام إلا ما خصه الدليل، أو في تلك الواقعة كان ذلك تخصيصًا في حق غيره أيضًا، ولكن المخصص للعموم لا يكون ذلك الفعل وحده، بل الفعل مع ذلك الدليل، وإن لم يكن كلك لم يجز تخصيص ذلك العموم في حق غيره.
قلت: الأدلة المقتضية لكوننا مثله عليه الصلاة والسلام في أحكام الشريعة إلا ما أخرجه الدليل هي كقوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} ونحوه مما تناول الثقلين، فعلى تقدير أن الغير المشار إليه في كلامه ها هنا الثقلان، فإنه يلزم على هذا النسخ إبطال النص بالكلية، وذلك ليس تخصيصًا؛ لأن التخصص هو إخراج البعض وإبقاء البعض، وأما إبطال الحكم في الجميع فليس تخصيصًا، فيتعين أن يحمل كلام الإمام رحمه الله على غير خاص، هو بعض الأمة، ووجود مثل هذا عسير، غير أنه لم يلتزمه، غير أنه قال: إن وجد كان الحكم كذلك، مع أنه يمكن تمثيله بأن العموم قد يكون يتناول الثقلين ويخرج - صلى الله عليه وسلم - من عمومه بطريق أنه إمام أو قاض أو نحو ذلك من صفاته - صلى الله عليه وسلم -، فإنه إمام الأمة وحاكم الحكام، ومفتي المفتين، فيلحق به - صلى الله عليه وسلم - في ذلك التخصيص الأئمة وحدهم أو القضاة وحدهم على حسب ذلك الوصف الذي هو معتمد، كما إذا ورد: (على اليد ما أخذت حتى