وأما إذا (لم يعلم) التأريخ، فعند الشافعي- رضي الله عنه- إنما الخاص منهما يخص العام.
وعند أبي حنيفة- رضي الله عنه- يتوقف فيهما، ويرجع إلى غيرهما، أو إلى ما يرجع أحدهما على الآخر، وهذا هو مقتضى أصله؛ لأن الخاص دائر ين أن يكون منسوخًا، أو مخصصًا، وناسخًا مقبولًا، وناسخًا مردودًا، وعند حصول التردد يجب التوقف؛ لأن الخاص يحتمل عند الجهل بالتأريخ أن يكون متقدمًا، فيكون منسوخًا عنده بالعام المتأخر، فمقتضى قاعدته.
وإن كان متأخرًا وورد قبل العمل بالعام، كان مخصصًا، أو بعد العمل فيكون ناسخًا مقبولًا، إن كان مساويًا له أو أقوى منه من جهة السند، فإن المتقدم إن كان متواترًا لا ننسخه بالآحاد المتأخر، وإن كان متواترًا نسخ العام المتقدم في الأفراد التي يتناولها الخاص، فلم (تعارضت الاحتمالات) وجب التوقف على قاعدته.
واحتج أصحابنا على مذهبهم بوجهين:
أحدهما: أنه ليس للخاص مع العام إلا أن يقارنه، أو يتقدمه، أو يتأخر عنه، وقد ثبت تخصيص العام بالخاص على التقديرات الثلاثة، فعند الجهل بالتأريخ يكون الحكم أيضًا كذلك، وهذا الوجه الضعيف، بسبب أن الخاص المتأخر عن العام- إن ورد قبل حضور وقت العمل بالعام، كان تخصيصًا، وإن ورد بعده كان ناسخًا.