أحدها: قوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم}، كان أصل هذا التركيب أن يفيد في ظاهرة تحريم الأم نفسها من جهة الوضع؛ لأن مفعوله في الظاهر إنما هو الأمهات، ودل العقل والعادة والشرائع على أن الذات من الأمهات وغيرها لا يتعلق بها تحريم ولا تحليل؛ لأن من شرط الذي يتعلق به حكم شرعي أن يكون فعلا للمكلف، مقدورًا له، والذوات ليست مقدورة للعباد، فلا يتعلق بها حكم شرعي، فيتعين حذف مضاف تقديره: يحرم عليكم استمتاع أمهاتكم، أو وطئ أمهاتكم، (يصح اللفظ، وينتظم التكليف، هذا هو مقتضى اللغة)، ثم صار هذا اللفظ في العرف منقولا لهذا المضاف المحذوف، وبقى هذا اللفظ المركب موضوعًا لتحريم الاستمتاع، لا يفهم منه إلا ذلك، ولا يحتاج إلى حذف مضاف أصلا، بل بقي اللفظ مستقبلا بنفسه في الدلالة على ذلك من غير إضمار شيء.
وثانيها: قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير}، وهذه الأشياء لا تحرم، لما تقدم من تقرير: أن الذوات لا تحرم، فيقدر في كلامه (في ك) واحد منها ما يليق به من الحذف، كما ينتظم