وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) , سيق لبيان أن المجوس يسوى بينهم وبين أهل الكتاب في أخذ الجزية, فلا يستدل به على جواز نكاح نسائهم وأكل ذبائحهم, نظرًا لاسم الجنس إذا أضيف وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (سنة أهل الكتاب) , أضيفت السنة لما بعدها, فيوجب ذلك العموم, كما تقدم بيانه في بيان صيغ العموم.
وبالجملة, فهذه قاعدة مشهورة: (إذا سيق الكلام لمعنى, لا يستدل به في غيره) , مع أن فيها خلافًا, وحكاها القاضي عبد الوهاب المالكي في الملخص مسألة مستقلة, وفهرسها بوقف العموم على المقصود منه, وحكي عن متقدمي المالكية وبعض الشافعية منهم القفال: أنه توقف على ما سيق الكلام لأجله, ويخص به وإن كان عامًا, وحكي عن متأخري المالكية القول بإجرائه على عمومه.
فالتمسك بالمنع على الآية ظاهر, وإنما في المسألة غور آخر, وهو أن العام إن تقدمه ذكر قوم, نحو: أكلة الربا ظلموا أنفسهم, ثم يقول: إنه لا يفلح الظالمون, فهل يحمل اللفظ على عمومه؟ وتقول: لا يفلح كل ظالم كيف كان من هؤلاء أو من غيرهم, وكذلك إذا قال: أحسنوا لأقاربكم, وصلوا أرحامكم, ثم يقول: إن الله مع المحسنين, هل يحمل على كل محسن, أو يختص بمن تقدم ذكره؟ ونحو هذه السياقات التي يتجه فيها أن المدح والذم لا يوجب تخصيص العام.
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام- رحمه الله-: ويتعين أن يستثنى من