للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كصاحب "الشامل" وغيره، فهم معتدون بخلافه لا محالة (١)، والله أعلم.

قوله: "وما ورد من (٢) الأخبار في النهي عن الصيام في السفر، أريد به من (٣) يتضرر بالصوم" (٤)، هذا مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ليس من البر الصيام في السفر)، وفي رواية ثابتة في الصحيحين (٥) من حديث جابر - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى في السفر رجلاً يظلل عليه لكونه صائما فقال: ذلك - صلى الله عليه وسلم -.


(١) وللمصنف في فتاواه كلام جيد ومفصل حول هذه المسألة أكثر مما هنا، فقال بعد أن ذكر فيها أقوال بعض الأصوليين والذي اختاره الأستاذ أبو منصور البغدادي، وحكاه عن الجمهور أن الصحيح من المذهب الاعتداد بخلافه في الفقه، ثم قال (ابن الصلاح): وهذا هو الذي استقر عليه الأمر آخرا، كما هو الأغلب الأعرف من صفو الأئمة المتأخرين الذين أورد مذاهب داود في مصنفاتهم المشهورة في الفروع، كالشيخ أبي حامد الإسفراييني وصاحبه المحاملي وغيرهما، فلولا اعتدادهم بخلافه لما أوردوا مذاهبه في مصنفاتهم.
ثم قال: وبهذا أجيب مستخير الله ومستعينا به أن داود يعتبر قوله ويعتدّ به في الإجماع، إلا فيما خالف فيه القياس الجلي، ومما أجمع عليه القياسيون من أنواعه، أو بناه على أصوله التي قام الدليل القاطع على بطلانها، فاتفاق من سواه في مثله على خلافه إجماع منعقد، وقوله في مثله خارقا للإجماع، كقوله في التغوط في الماء الراكد، وقوله: لا ربا إلا في الستة المنصوص عليها، فخلافه في هذا ومثله غير معتد به، ثم قال: وهذا الذي اخترته يثبت بدليل القول أن منصب الاجتهاد يتجزأ، ويكون الشخص مجتهدا في نوع دون نوع، والعلم عند الله، ثم لا فرق فيما ذكرناه بين زمان داود وما بعده، فإن المذاهب لا تموت بموت أصحابها، والله أعلم. فتاوى ابن صلاح (١٠/ ٢٠٧ - ٢٠٨).
(٢) في (د) و (أ) (في)، والمثبت من (أ)، وهو الموافق لما في الوسيط.
(٣) نهاية ٢/ ق ٩/ ب.
(٤) الوسيط: ١/ ق ١٥٢/ أ.
(٥) البخاري: ٤/ ٢١٦ في كتاب الصوم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (ليس من البر الصيام في السفر)، ومسلم: ٧/ ٢٣٣ في كتاب الصوم، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر، وزاد مسلم في رواية (عليكم برخصة الله التي رخص لكم).