للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: إن في ذكر الأمور الثلاثة وتفصيلها بيان فائدة تظهر في الضد لما فيه من بيان أن عدم العمد المحض إن كان فعدم أحد الأمرين الأولين بالفعل خطأ محض، وإن كان بعدم الثالث فحسب فهو شبه عمد.

قوله: "الثالث: القصد المتعلق بزهق الروح" (١).

الروح لا ينتظم لفظًا مع قوله أولاً: "القصد له متعلقات ثلاثة" وإنما أتي به على المعنى، ومساق اللفظ يقتضي أن يقول: الثالث زهوق الروح.

اعلم أن صاحب الطريقة الأولى لا يعتبر في العمد المحض، أن يتعلق قصده بنفس الإزهاق، ويظهر قصد الفعل الذي هو إزهاق الروح؛ لأن زهوق الروح أمر باطن فلا يرتبط به، بل يعتبر أن يتعلق القصد (٢) بالشخص، والفعل الذي بان ترتب الزهوق عليه، وعلم حصول الموت به سواء كان ترتب الزهوق عليه غالباً، أو نادراً (٣).

ثم يسوغ من وجه بعد هذا أن يقال: قصد القتل والإزهاق باعتبار أنه قصد الفعل الذي سرى وصار قتلاً، والسراية، تكسب صفة الجناية فتكون السراية مقصودة له حكماً بواسطة قصده الجناية ويخرج منه كونها عامداً للقتل، ويتميز


(١) الوسيط ٣/ ق ١٢٠، ب وتمامه " .... وفي ضبطه طريقان: أحدهما: أن ما علم حصول الموت به بعد وجود القصد والفعل والشخص فهو عمد محض سواء كان قصد الفاعل إزهاق الروح أو لم يكن وسواء كان حصول الموت به غالباً أو نادراً كقطع الأنملة.
والطريقة الثانية: أن الضابط ما يقصد به القتل غالباً في المثقلات وأما في الجراحات فكل جرح سار ذي غور؛ لأن قطع الأنملة لا يقصد به القتل غالباً، ثم هو موجب للقصاص، وهذا ضعيف ... إلخ".
(٢) انظر: الروضة ٧/ ٥، كفاية الأخيار ص ٥٩٠، مغني المحتاج ٤/ ٣ - ٤.
(٣) نهاية ق ٢٠٤/ ب من النسخة (أ).