للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه شبه العمد، بأنه في شبه العمد لا يحصل العلم بحصول الموت به، كما في صورة الضرب بالعصا الخفيفة من غير موالاةٍ (١)، فاقتصرنا فيه على إيجاب المال اكتفاءً بأن الموجود سبب صالح، ولم يظهر سبب آخر فأحلناه على السبب الظاهر، فإن الضمان لا يقدح فيه الاحتمال، والشبهة.

وأما الطريقة الثانية: فإن عبارة المؤلف قاصرة بيان (٢)، معناها. فاعلم أن صاحبها اعتبر في العمد تعلق القصد بنفس زهوق الروح، لكن الشرط أن يكون الآلة من المثقلات (٣)، ويجعل كونها مما يقصد به القتل غالباً دليل تعلق قصده بالإزهاق، وإن كانت جارحة فها هنا لم يمكنه دعوى أن يعتبر تعلق القصد بالزهوق بدليل مسألة قطع الأنملة، فإن أحداً لا يقصد الزهوق بقطع الأنملة، فاكتفى بكون الجرح سارياً ذاغورٍ، وإن لم يوجد قصد الزهوق، فإذا وجد ذلك مع قصد الشخص فقصد نفس الفعل أوجب القصاص، وذلك لاختصاصه بمزيد الخطر فتأثيره في الباطن مبالغة في ردع الجناة، وهذا، كما قال المؤلف ضعيف, لأن العمد المحض معتبر في القصاص، ولا يكفي فيه تعلق القصد بمطلق الفعل، ولا بدَّ من تعلقه بالقتل، وهو قضية محسوسة لا سبيل إلى أن يقول: لا يحصل في المثقل بما يثقل نادراً، أو يحصل في الجارح بما يثقل نادراً بكونه جارحاً (٤) سارياً ذاغورٍ فإن لتأثيره في الباطن مبالغة في الردع إلى جعلنا ووضعنا (٥) على أن ما ذكره من افتراق الجارح، والمثقل، في أن الجارح له


(١) انظر: المصادر السابقة.
(٢) كذا في النسخة ولعل الصواب (قاصرة عن بيان معناها) والله أعلم.
(٣) انظر: الروضة ٧/ ٥، كفاية الأخيار ص ٥٩٠.
(٤) في النسخة (خارجاً) وهو تصحيف والصواب ما أثبته.
(٥) من قوله: "فإن لتأثيره .. إلى قوله: وضعنا .. " كذا العبارة في النسخة، وفيها ركاكة.