للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا كلام مشكل، وهو مبني على ما ذكرته في كتاب الفتوى (١) من تأليفي من أن المقلّد لا يفي، وأنه لا يكون مفتيا بما يذكره من مذهب إمامه؛ لأن فتوى المفتي قوله، وهذا قول إمامه لا قوله، ومن يعدّ من المفتين من الفقهاء المقلّدين فليسوا في الحقيقة من المفتين، ولكن لما قاموا عند الضرورة مقام المجتهدين من المفتين، وأدّوا (٢) عنهم عدّوا من المفتين (٣).

وأما المجتهد في مذهب إمام فقد ألحقه اجتهاده ذلك بإمامه في جواز الفتوى، ومقلّده مقلّد لإمامه، فإن جوزنا تقليد الميت، وهو الصحيح الذي عليه العمل جازت فتياه (٤)، ومن لا يجوّز (٥) تقليد الميت لم يجوّز فتياه (٦)؛ لأنها قول إمامه الميت الذي بطل بموته تقليده (٧)، وهكذا من جعل ذلك تقليدا لهذا الحيّ


(١) وهو المسمى بـ (آداب المفتي والمستفتي) انظر: ص ٣٨ - ٣٩ منه.
(٢) في (د): (وأدّو) بإسقاط الألف.
(٣) وتمام كلامه هناك "وسبيلهم في ذلك: أن يقول: مثلا: مذهب الشافعي كذا وكذا، أو مقتضى مذهبه كذا وكذا وما أشبه ذلك، ومن ترك إضافة ذلك إلى إمامه، إن كان ذلك منه اكتفاءً بالمعلوم عن الحال عن التصريح بالمقال، فلا بأس"، وقد نقل هذا المبحث عن المؤلف العلامة ابن القيم في كتابه القيم "إعلام الموقعين: ٤/ ١٩٥" فراجعه، فإنه مهم في هذا الباب.
(٤) في (ب): (فتياهم)، وانظر: آداب المفتي والمستفتي: ص ٨٧، فتح العزيز: ١٢/ ٤٣٠ - ٤٣١، الروضة: ٨/ ٨٧.
(٥) نهاية ٢/ ق ١٧٢/ ب.
(٦) انظر: المصادر السابقة قبل هامش.
(٧) قال العلامة ابن القيم في كتابه "إعلام الموقعين: ٤/ ٢١٥" بعد نقله هذين الوجهين: "والتحقيق أن هذا فيه تفصيل؛ فإن قال له السائل: أريد حكم الله تعالى في هذه المسألة، وأريد الحق فيما يخلصني ونحو ذلك لم يتّسعه إلا أن يجتهد له في الحق، ولا يسعه أن يفتيه بمجرد تقليد غيره من غير معرفة بأنه حق أو باطل، وإن قال له: أريد أن أعرف في هذه النازلة قول الإمام ومذهبه، ساغ له الإخبار به، ويكون ناقلا له، ويبقى الدرك على السائل، فالدرك في الوجه الأول على المفتي، وفي الثاني: على المستفتي" أهـ.