للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطبري (١) صاحب اختيار ومذهب منفرد (٢)، والله أعلم.

ما اختاره فيما إذا خرج منه بلل، ولم يدر أنه مني أو مذي من أنه يتخير (٣)، تحقيقه: أن ذمته قد اشتغلت بموجب أحدهما يقيناً، فلم يمكنا (٤) العمل بأصل البراءة فيهما معاً لذلك، على نحو ما تقرر في الإناءين (٥). فإذا أتى بموجب أحدهما اتجه حينئذٍ الحكم ببراءة ذمته منهما؛ أما من الذي أتى به فقطعاً، وأما من الآخر فظاهراً عملاً بأن الأصل عدمه (٦). واتجه العمل بالأصل الآن (٧) لكونه عملاً (٨) بالأصل في أحدهما خاصة فلا يعارضه يقين الشغل؛ لأنه لم تشتغل ذمته بهذا الواحد المعين يقيناً، وإنما اشتغلت بأحدهما على الجملة، وليس كما إذا نسي صلاة من صلاتين مفروضتين حيث أوجبنا عليه الإتيان بهما معاً؛ لأن ذمته كانت قد اشتغلت بهما معاً فالأصل في كل واحدة (٩) منهما بقاء اشتغال


(١) الإِمام المجتهد محمَّد بن جرير بن يزيد بن كثير أبو جعفر الطبري، صاحب التصانيف البديعة الكثيرة منها: التفسير، التاريخ، لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام - وهو عبارة عن مذهبه الذي اختاره وجوَّده واحتج له -، اختلاف علماء الأمصار، وكتاب التبصر، وغيرها، توفي سنة ٣١٠ هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان ٤/ ١٩١، تهذيب الأسماء ١/ ٧٨، السير ١٤/ ٢٦٧، طبقات السبكي ٣/ ١٢٠، البداية والنهاية ١١/ ١٥٦.
(٢) سقط من (ب).
(٣) انظر الوسيط ١/ ٣٧٦.
(٤) في (ب): يمكننا.
(٥) فيما إذا تيقنا النجاسة في أحدهما لا بعينه
(٦) انظر: فتح العزيز ١/ ٣٦٣.
(٧) تقدم كلام المؤلف على مسألة: تعارض الأصل والظاهر ١/ ١٠٣.
(٨) في (ب): عمِل.
(٩) في (د): واحد، والمثبت من (أ) و (ب).