للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله: "لأن سقوط القضاء عن المجنون رخصة، وعن الحائض عزيمة" (١) ذكر في الدرس أن الفرق بينهما عسر، وأورد عليه وجوب قضاء الصوم عليها. ونحن نقرر الفرق بعون الله تعالى: فاعلم أن العزيمة: عبارة عن كل حكم ثابت على وفق الدليل. والرخصة: عبارة عن كل حكم ثابت على خلاف الدليل لمعارض راجح (٢). فإذا عرفت ذلك فإنما كان سقوط قضاء الصلاة عن الحائض عزيمة؛ لأنها مكلفة بترك الصلاة، فإذا تركتها فقد قامت بالأمر في الترك، فلم تُكَلَّف مع ذلك بالقيام بالأمر بالفعل قضاء، ولم يجمع عليها قيام بالأمرين تركاً وفعلاً، فهذا مناسب معقول موافق للدليل. ولا نقول: الفرق بين الصلاة والصوم كثرتها وندرة الصوم حتى يكون إسقاط قضائها تخفيفاً ورخصة، بل سبب إسقاط قضائها ما ذكرناه. وذلك يقتضي إسقاط قضاء الصوم أيضاً، غير أن للشارع زيادة عناية بصوم رمضان، فأوجب قضاءه عليها بأمر مجدَّد في وقت ثان، وتسميته قضاء مجاز، وهو في الحقيقة فرض مبتدأ، فمخالفة الدليل - إن كانت - ففي وجوب قضاء الصوم، لا في سقوط قضاء الصلاة. فتقرر إذاً أن سقوط قضاء الصلاة عنها (٣) ليس رخصةً، وأن المرتدة ساوت المسلمة في مستنده فتساويا في الحكم فيه. وأما إن سقوط القضاء عن المجنون رخصة؛ فلأن الدليل يقتضي أن من فاتته الصلاة في وقتها - من غير أن يكون مكلفاً بتركها في وقتها - يؤمر بقضائها في وقت ثانٍ؛ لئلا يخلو من وظيفتها , ولهذا وجب


(١) الوسيط ٢/ ٥٥٧. وقبله: ولو ارتدَّت، أو سكرت ثم حاضت، لا يلزمها قضاء أيام الحيض؛ لأن سقوط القضاء ... إلخ
(٢) انظر: البحر المحيط ١/ ٣٢٥، ٣٢٧، شرح الكوكب المنير ١/ ٤٧٦، ٤٧٨.
(٣) سقط من (ب).