للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلامذته مما (١) اختصاره، أن من أصحابنا من أجراه على ظاهره، وقال يكفي الذكر باللسان (٢)؛ لأنّ هذا يشبه المعاوضة، (والمعاوضة) (٣) يكفي (٤) فيها الإيجاب، والقبول من غير نية.

قلت: وجه شبهه بالمعاوضة أنه تمليك.

قال: "وليس بشيء، وإنما قال الشافعي - رحمه الله - ذلك؛ لأن ذكر اللسان ها هنا لا ينفك عن نية القلب بخلاف الصلاة، والوضوء؛ لأنهما يتكرران كثيراً، فقد ينوي باللسان والقلب ذاهل" (٥). والله أعلم.


(١) في (أ) و (ب) (ما).
(٢) اختلف النقل عن الإمام الشافعي - رحمه الله - في هذه المسألة، فقال: "إذا ولي الرجل زكاة ماله لم يجزه إلا بنية أنه فرض، والنية هي القصد". وقال في موضع آخر: "إذا قال بلسانه هذا زكاة مالي أجزأه".
واختلف الأصحاب في هل المعتبر قصد القلب أم يكفي القول باللسان؟ فقالوا: في المسألة طريقان، وقيل: قولان: أحدهما: أنه لا بدّ من نية القلب ولا يجزئ التلفظ بها وجهاً واحداً، وبه قطع العراقيون وبعض الخراسانيين. والثاني: فيه وجهان: أحدهما: يكفيه التلفظ باللسان دون نية القلب، وهو اختيار القفال. والثاني: يتعين عليه نية القلب ولا يكفيه التلفظ بها، وبه قطع الغزالي في الوجيز، وصححه صاحب التهذيب والرافعي. انظر: الأم ٢/ ٣٠، مختصر المزني ص ٥٢، البسيط ١/ ق ١٨٨/ أ، الوجيز ١/ ٨٧، التهذيب (كتاب الزكاة) ص ١٤٤، فتح العزيز ٥/ ٥٢٢ - ٥٢٣، المجموع ٦/ ١٥٨.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (د) و (ب).
(٤) في (أ) (تكفي) بالتاء.
(٥) فيه نظر؛ لأن معنى النية القصد كما تقدم وهو اعتقاد القلب فعلَ الشيء وعزمه عليه من غير تردد ومتى خطر بقلبه شيئاً وقصده. فقد نوى، والتلفظ بها باللسان بدعة غير مشروع في سائر العبادات غير الحج والعمرة، ولم ينقل أحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد صحيح، ولا ضعيف ولا مرسل أنه - صلى الله عليه وسلم - تلّفظ بها، بل ولا عن أحد من أصحابه، ولا استحسنه أحد من التابعين. انظر: زاد المعاد لابن القيم ١/ ٢٠١.