للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ) أَحَبُّ (لِمَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ الصَّوْمَ) أَيْ عِنْدَ مَنْعِ سَيِّدِهِ لَهُ مِنْ الصَّوْمِ (أَوْ) أَحَبُّ مَحْمُولَةٌ (عَلَى) الْعَبْدِ (الْعَاجِزِ حِينَئِذٍ) أَيْ فِي الْحَالِ بِكَمَرَضٍ (فَقَطْ) يَرْجُو زَوَالَهُ وَالْقُدْرَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (تَأْوِيلَاتٌ) خَمْسَةٌ (وَفِيهَا) قَالَ مَالِكٌ (إنْ أَذِنَ لَهُ) سَيِّدُهُ (أَنْ يُطْعِمَ) أَوْ يَكْسُوَ (فِي) كَفَّارَةِ (الْيَمِينِ) بِاَللَّهِ تَعَالَى أَجْزَأَهُ (وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ) وَالصَّوْمُ أَبْيَنُ عِنْدِي اهـ وَوَجْهُ الشَّيْءِ أَيْ النَّقْلِ الَّذِي فِي قَلْبِهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ أَوْ يَشُكُّ فِي مِلْكِهِ، أَوْ أَنَّ مِلْكَهُ ظَاهِرِيٌّ فَهُوَ كَلَا مِلْكَ

(وَلَا يُجْزِئُ تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ فِي مِسْكِينٍ) بِأَنْ يُطْعِمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا نَاوِيًا تَشْرِيَكَ الْكَفَّارَتَيْنِ فِيمَا يَدْفَعُهُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَعْيَانَ الْمَسَاكِينِ فَيُكْمِلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مُدًّا بِأَنْ يَدْفَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفَ مُدٍّ، وَهَلْ إنْ بَقِيَ بِيَدِهِ أَوْ مُطْلَقًا عَلَى مَا مَرَّ

(وَلَا) يُجْزِئُ (تَرْكِيبُ صِنْفَيْنِ) فِي كَفَّارَةٍ كَصِيَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَإِطْعَامِ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا

(وَلَوْ نَوَى) الْمُظَاهِرُ الَّذِي لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ، أَوْ أَكْثَرُ (لِكُلٍّ) مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ مَثَلًا (عَدَدًا)

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَصْلًا فَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ مِنْ الصَّوْمِ فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ كَانَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَمْنَعَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَبُّ لِمَنْعِ السَّيِّدِ إلَخْ) هَذَا تَأْوِيلُ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَيْ إنَّ أَحَبَّ رَاجِعٌ لِلْعَبْدِ عِنْدَ مَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ مِنْ الصَّوْمِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا أَضَرَّ بِالْعَبْدِ فَيُنْدَبُ لِلْعَبْدِ إذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ أَنْ يَصْبِرَ لَعَلَّهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الصَّوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَفَّرَ بِالْإِطْعَامِ حَالًا أَجْزَأَهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَحَبَّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَبْدِ الْعَاجِزِ إلَخْ) هَذَا التَّأْوِيلُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ عَلَى بَابِهَا وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَبْدِ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ الْآنَ لِكَمَرَضٍ يَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ فَالْأَحَبُّ أَنْ يَصْبِرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ، وَيُكَفِّرَ بِهِ، وَاعْتَرَضَ هَذَا ابْنَ مُحْرِزٍ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُسْتَطِيعًا لِلصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ، وَإِلَّا لَزِمَهُ التَّكْفِيرُ بِالْإِطْعَامِ حَالًا ابْنُ بَشِيرٍ وَقَدْ بَنَى ابْنُ مُحْرِزٍ اعْتِرَاضَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّ الْقَادِرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ أَمَّا عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ فَيَصِحُّ الِاعْتِذَارُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ) هَذَا مِنْ كَلَامِ سَحْنُونٍ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ أَثَرُ الَّتِي قَبْلَهَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ كُلٍّ مِنْ التَّأْوِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ أَيْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ فَالتَّأْوِيلُ الثَّالِثُ حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ فَالْأَوْلَى لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسَامِحَهُ مِنْ الْعَمَلِ وَيَأْذَنَ لَهُ فِي الصَّوْمِ وَلَا يَمْنَعَهُ مِنْهُ، وَإِذْنُهُ لَهُ فِيهِ أَحَبُّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي إطْعَامِ الْعَبْدِ ثِقَلًا لِعَدَمِ تَقَرُّرِ مِلْكِ الْعَبْدِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، أَوْ يَمْلِكُ مِلْكًا ظَاهِرِيًّا، أَوْ يَشُكُّ فِي مِلْكِهِ، وَحَاصِلُ الرَّابِعِ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا أَضَرَّ بِالْعَبْدِ وَمَنَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ وَأَذِنَ لَهُ بِالْإِطْعَامِ فَيُنْدَبُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَصْبِرَ لَعَلَّهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَلَا يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ حَالًا وَإِنْ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ فِي إطْعَامِ الْعَبْدِ ثِقَلًا

وَحَاصِلُ الْخَامِسِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ الْآنَ، وَيَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ فَالْأَحَبُّ لَهُ أَنْ يَصْبِرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ، وَلَا يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ حَالًا وَإِنْ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ فِي إطْعَامِ الْعَبْدِ ثِقَلًا.

(قَوْلُهُ: أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ) أَيْ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ مِلْكَهُ ظَاهِرِيٌّ أَيْ كَمَا يَقُولُ مَالِكٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَشُكُّ فِي مِلْكِهِ أَيْ يَتَرَدَّدُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ، وَلَا نَدْرِي مَنْ الْمُصِيبُ فِي الْوَاقِعِ فَنَحْنُ نَجْزِمُ ظَاهِرًا بِأَنَّهُ يَمْلِكُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ أَوْ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَنَشُكُّ هَلْ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ هَذَا أَوْ هَذَا فَقَوْلُهُ: أَوْ يَشُكُّ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: لِلْخِلَافِ الْمُؤَدِّي لِلشَّكِّ بِالنَّظَرِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَانَ أَحْسَنَ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُ تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ فِي مِسْكِينٍ) أَيْ فِي حَظِّ كُلِّ مِسْكِينٍ بِأَنْ يُجْعَلَ حَظُّ كُلِّ مِسْكِينٍ مِنْ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ مَأْخُوذًا عَنْ كَفَّارَتَيْنِ، وَحَظُّ كُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ بِمُدِّ هِشَامٍ، وَأَمَّا إعْطَاءُ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ وَاحِدٍ مُدَّيْنِ بِمُدِّ هِشَامٍ عَنْ كَفَّارَتَيْنِ فَهَذَا يُجْزِئُ قَطْعًا فَتَصْوِيرُ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا كَمَا فِي تت وَبَهْرَامَ غَيْرُ حَسَنٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُطْعِمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مُدٌّ، وَيَقْصِدُ أَنَّ كُلَّ مُدٍّ نِصْفُهُ مِنْ إحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ، وَنِصْفُهُ الثَّانِي مِنْ الْكَفَّارَةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَدْفَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مُدٍّ) ؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدِّ لَا يَجْتَزِئُ بِهِ فَإِذَا دَفَعَ لَهُ نِصْفَ مُدٍّ كَانَ مُكَمِّلًا لِكَفَّارَةٍ، وَكُلُّ سِتِّينَ كَفَّارَةٌ، وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ الْمَسَاكِينَ فَيُكْمِلَ لِلسِّتِّينَ بِأَنْ يُعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُدٌّ، وَيُنْتَزَعَ مِنْ الْبَاقِي بِالْقُرْعَةِ فَالْمُدُّ الَّذِي يُعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ تَمَامُ مُدِّ كَفَّارَةٍ، وَالنِّصْفُ الثَّانِي تَمَامُ مُدٍّ مِنْ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ

(قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ تَرْكِيبُ صِنْفَيْنِ) الْأَوْلَى تَرْكِيبُ كَفَّارَةٍ مِنْ صِنْفَيْنِ، وَأَمَّا تَرْكِيبُهَا مِنْ فَرْدَيْ صِنْفٍ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ كَأَنْ يُعَشِّيَ وَيُغَدِّيَ ثَلَاثِينَ وَيُعْطِيَ ثَلَاثِينَ أُخَرَ ثَلَاثِينَ مُدًّا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مِنْ إجْزَاءِ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ أَوْ يُعْطِيَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا ثَلَاثِينَ مُدًّا مِنْ الْبُرِّ وَيُعْطِيَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا ثَلَاثِينَ مُدًّا مِنْ شَعِيرٍ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى لِكُلٍّ عَدَدًا) هَذَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى صُورَتَيْنِ خَاصَّتَيْنِ بِالْإِطْعَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>