(وَ) يُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يُجْعَلَ (فِي مَسَاجِدِهِ) أَيْ أَعْضَاءِ سُجُودِهِ السَّبْعَةِ مِنْ غَيْرِ قُطْنٍ (وَحَوَاسِّهِ) هِيَ بَعْضِ مَنَافِذِهِ (وَمَرَاقِّهِ) أَيْ مَا رَقَّ مِنْ بَدَنِهِ كَإِبْطَيْهِ وَرَفْغَيْهِ أَيْ بَاطِنِ فَخْذَيْهِ وَعَكْسِ بَطْنِهِ وَخَلْفِ أُذُنَيْهِ وَتَحْتِ حُقِّهِ وَرُكْبَتَيْهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ الْحَذَرَ ثُمَّ الْحَذَرَ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ مِنْ إدْخَالِ الْقُطْنِ دَاخِلَ دُبُرِهِ وَكَذَا يَحْشُونَ بِهِ أَنْفَهُ وَفَمَه فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ انْتَهَى وَيُنْدَبُ الْحَنُوطُ عَلَى مَا مَرَّ (وَإِنْ) كَانَ الْمَيِّتُ (مُحْرِمًا وَمُعْتَدَّةً) مِنْ وَفَاةٍ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ بِالْمَوْتِ (وَلَا يَتَوَلَّيَاهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ وَالْمُعْتَدَّةُ أَيْ إنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ مَحْرَمٌ أَوْ مُعْتَدَّةٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَتَوَلَّيَا تَحْنِيطَهُ لِحُرْمَةِ مَسِّ الطِّيبِ عَلَيْهِمَا وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ زَوْجَ الْمُعْتَدَّةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَضَعَتْ إثْرَ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا تَحَنُّطُهُ لِوَفَاءِ عِدَّتِهَا حِينَئِذٍ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي مَنْدُوبَاتِ التَّشْيِيعِ فَقَالَ (وَ) نُدِبَ (مَشْيُ مُشَيِّعٍ) لِلْجِنَازَةِ فِي ذَهَابِهِ وَكُرِهَ رُكُوبُهُ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي رُجُوعِهِ لِفَرَاغِ الْعِبَادَةِ (وَإِسْرَاعُهُ) أَيْ الْمُشَيِّعِ حَامِلًا لِلْمَيِّتِ أَوْ لَا، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ وَدُونَ الْخَبَبِ (وَتَقَدُّمُهُ) أَيْ الْمُشَيِّعِ الْمَاشِي (وَتَأَخُّرُ رَاكِبٍ) عَنْ الْجِنَازَةِ (وَ) تَأَخُّرُ (امْرَأَةٍ) عَنْ الرَّاكِبِ مِنْ الرِّجَالِ (وَ) نُدِبَ (سَتْرُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ (بِقُبَّةٍ) تُجْعَلُ فَوْقَ ظَهْرِ النَّعْشِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي السَّتْرِ (وَ) نُدِبَ (رَفْعُ الْيَدَيْنِ بِأُولًى التَّكْبِيرِ) فَقَطْ (وَ) نُدِبَ (ابْتِدَاءً) لِلدُّعَاءِ الْوَاجِبِ (بِحَمْدٍ) اللَّهِ تَعَالَى (وَصَلَاةٍ عَلَى نَبِيِّهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِبَ الْحَمْدِ إثْرَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَلَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ أَيْ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُرُوجَ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ (وَ) نُدِبَ (إسْرَارُ دُعَاءٍ) وَلَوْ لَيْلًا (وَ) نُدِبَ (رَفْعُ صَغِيرٍ عَلَى أَكُفٍّ) لَا عَلَى نَعْشٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاخُرِ (وَوُقُوفُ إمَامٍ بِالْوَسَطِ) بِفَتْحِ السِّينِ لِلْمَيِّتِ الذَّكَرِ (وَمَنْكِبَيْ الْمَرْأَةِ رَأْسُ الْمَيِّتِ عَنْ يَمِينِهِ) نَدْبًا إلَّا فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ
ثُمَّ ذَكَرَ مَنْدُوبَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالدَّفْنِ فَقَالَ (وَ) نُدِبَ (رَفْعُ قَبْرٍ كَشِبْرٍ مُسَنَّمًا) أَيْ كَسَنَامِ الْبَعِيرِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَوْلُهُ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى كَرَاهَتِهِ) أَيْ التَّسْنِيمِ وَحِينَئِذٍ (فَيُسَطَّحُ) نَدْبًا ضَعِيفٌ (وَحَثْوُ قَرِيبٍ) مِنْ الْقَبْرِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْقَبْرِ (ثَلَاثًا) بِيَدَيْهِ مَعًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهَا إذْ لَا مَعْنَى لِجَعْلِ الْكَافُورِ فِي الْحُنُوطِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَكَوْنُهُ كَافُورًا كَانَ أَحْسَنَ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُنُوطَ فِي ذَاتِهِ مُسْتَحَبٌّ وَكَوْنُهُ كَافُورًا مُسْتَحَبٌّ آخَرُ وَجَعَلَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ ضَمِيرَ فِيهِ لِلْقُطْنِ وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ وَفِي مَسَاجِدِهِ) عَطْفٌ عَلَى بِمَنَافِذِهِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ قُطْنٍ) أَيْ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْحَوَاسِّ وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ هِيَ بَعْضُ مَنَافِذِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِحَوَاسِّهِ عَيْنَاهُ وَأُذُنَاهُ وَأَنْفُهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَرُكْبَتَيْهِ) أَيْ وَتَحْتَ رُكْبَتَيْهِ، وَأَمَّا فَوْقَهُمَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَسَاجِدِهِ (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ مَسِّ الطِّيبِ عَلَيْهِمَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَوْلِيَتُهُ إذَا تَحَيَّلَا فِي عَدَمِ مَسِّهِ بِيَدٍ وَغَيْرِهَا وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَتَوَلَّاهُ غَيْرُهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ
[مَنْدُوبَاتِ التَّشْيِيعِ]
(قَوْلُهُ فِي ذَهَابِهِ) أَيْ فِي حَالِ الذَّهَابِ بِهِ لِلْمَقْبَرَةِ وَلِلْمُصَلَّى (قَوْلُهُ وَدُونَ الْخَبَبِ) أَيْ وَدُونَ الْهَرْوَلَةِ لِأَنَّهَا تُنَافِي السَّكِينَةَ وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيَّةُ الْقُرْبَ مِنْ الْمَيِّتِ فِي حَالِ تَشْيِيعِهِ لِلِاعْتِبَارِ وَاسْتَحَبَّ الْحَنَفِيَّةُ التَّأَخُّرَ فِي صُفُوفِ الصَّلَاةِ تَوَاضُعًا فِي الشَّفَاعَةِ (قَوْلُهُ عَنْ الْجِنَازَةِ) أَيْ لَا عَنْ الْمَاشِي الصَّادِقِ بِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ (قَوْلُهُ وَسَتْرُهَا بِقُبَّةٍ) أَيْ فِي حَالِ الْحَمْلِ وَالدَّفْنِ وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى النَّعْشِ أَيْ فَوْقَ الْقُبَّةِ لِلْمَرْأَةِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وِشَاحٌ أَوْ رِدَاءٌ مَا لَمْ يُجْعَلْ مِثْلُ الْأَخْمِرَةِ الْمُلَوَّنَةِ فَلَا أُحِبُّهُ، وَكَذَا لَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَرَ كَفَنُ الذَّكَرِ بِثَوْبٍ سَاذَجٍ وَنَحْوَهُ وَيُنْزَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ اهـ وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ وَضْعِ الثِّيَابِ الْمُلَوَّنَةِ وَالْحُلِيِّ وَالنُّقُودِ وَالْجَوَاهِرِ فَوْقَ النَّعْشِ فَهُوَ أَمْرٌ مُنْكَرٌ (قَوْلُهُ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ بِأُولَى التَّكْبِيرِ فَقَطْ) أَيْ وَأَمَّا رَفْعُهُمَا فِي غَيْرِ أُولَاهُ فَخِلَافُ الْأَوْلَى وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ لَا يَرْفَعُهُمَا أَصْلًا، وَرَفْعُهُمَا عِنْدَ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ لِلدُّعَاءِ) أَيْ الْحَاصِلِ عَقِبَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ إثْرَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ وَابْتِدَاءٌ بِحَمْدٍ وَصَلَاةٍ عَلَى نَبِيِّهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الطِّرَازِ لَا تَكُونُ الصَّلَاةُ وَالتَّحْمِيدُ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ بَلْ فِي الْأُولَى وَيَدْعُو فِي غَيْرِهَا وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِلنَّوَادِرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُرُوجَ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ) أَيْ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهَا بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَإِنْ قَصَدَ بِقِرَاءَتِهَا الْخُرُوجَ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فَلَا كَرَاهَةَ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الدُّعَاءِ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ لَيْلًا) أَيْ وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهَا لَيْلًا وَلَا يَتَوَهَّمُ الْجَهْرَ بِالدُّعَاءِ إنْ صَلَّى عَلَيْهَا لَيْلًا كَمَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ وَوُقُوفُ إمَامٍ بِالْوَسَطِ) أَيْ عِنْدَ وَسَطِ الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ مُلَاصَقَةٍ لَهُ بَلْ يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ قَدْرُ شِبْرٍ وَقِيلَ قَدْرُ ذِرَاعٍ (قَوْلُهُ وَمَنْكِبَيْ الْمَرْأَةِ) عَطْفٌ عَلَى الْوَسَطِ أَيْ عِنْدَ الْوَسَطِ وَعِنْدَ مَنْكِبَيْ الْمَرْأَةِ وَ (قَوْلُهُ رَأْسُ الْمَيِّتِ عَنْ يَمِينِهِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ إمَامٍ وَ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ رَأْسَ الْمَيِّتِ عَلَى يَسَارِ الْإِمَامِ جِهَةَ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ
[مَنْدُوبَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالدَّفْنِ]
(قَوْلُهُ فَيُسَطَّحُ) أَيْ فَيُجْعَلُ عَلَيْهِ سَطْحٌ كَالْمِصْطَبَةِ وَلَكِنْ لَا يُسَوَّى ذَلِكَ السَّطْحُ بِالْأَرْضِ بَلْ يُرْفَعُ كَشِبْرٍ وَقَلِيلٍ يُرْفَعُ قَلِيلًا بِقَدْرِ مَا يُعْرَفُ
وَاعْلَمْ أَنَّ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رُوِيَ أَنَّهَا مُسَنَّمَةٌ وَرُوِيَ أَنَّهَا مُسَطَّحَةٌ وَرِوَايَةُ التَّسْنِيمِ أَثْبَتُ
(قَوْلُهُ ثَلَاثًا) وَيَقُولُ عِنْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: ٥٥] وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ