وَعُلِمَ تَقَدُّمُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (وَلَمْ يُعْلَمُ السَّابِقُ) مِنْهُمَا فَلَا يَخْلُو حَالُهُمَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ (فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ) شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ (أَوْ جُهِلَ) مِقْدَارُ مَا بَيْنَهُمَا هَلْ هُوَ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ مُسَاوٍ (فَعِدَّةُ حُرَّةٍ) تَجِبُ عَلَيْهَا فِي الْوَجْهَيْنِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ سَبْقِ مَوْتِ السَّيِّدِ فَيَكُونُ الزَّوْجُ مَاتَ عَنْهَا حُرَّةً (وَمَا تُسْتَبْرَأُ بِهِ الْأَمَةُ) وَهِيَ حَيْضَةٌ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ لَا وَقَدْ حَلَّتْ لِلسَّيِّدِ وَمَاتَ عَنْهَا بَعْدَ حِلِّ وَطْئِهِ لَهَا فَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ إلَّا بَعْدَ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ (وَ) عَلَيْهَا (فِي الْأَقَلِّ) كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا شَهْرَانِ فَأَقَلُّ (عِدَّةُ حُرَّةٍ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ لَا فَيَكُونُ الزَّوْجُ مَاتَ عَنْهَا حُرَّةً، وَلَيْسَ عَلَيْهَا حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدِهَا عَلَى تَقْدِيرِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ لَا (وَهَلْ) حُكْمُ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا (قَدْرُهَا) أَيْ قَدْرُ عِدَّةِ الْأَمَةِ (كَأَقَلَّ) فَيُكْتَفَى بِعِدَّةِ حُرَّةٍ (أَوْ أَكْثَرَ) فَتَمْكُثُ عِدَّةَ حُرَّةٍ وَحَيْضَةً فِي ذَلِكَ (قَوْلَانِ) .
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الرَّضَاعِ وَمَا يَحْرُمُ مِنْهُ وَمَا لَا يَحْرُمُ فَقَالَ [دَرْسٌ] (بَابٌ حُصُولُ) أَيْ وُصُولُ (لَبَنِ امْرَأَةٍ) لِلْجَوْفِ وَلَوْ شَكًّا لِلِاحْتِيَاطِ (وَإِنْ) كَانَتْ الْمَرْأَةُ (مَيِّتَةً وَصَغِيرَةً) لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ وَعَجُوزًا قَعَدَتْ عَنْ الْوَلَدِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ تَقَدُّمُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَا مَعًا فَالْأَصْلُ أَنَّهَا أَمَةٌ لَكِنْ تَعْتَدُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ احْتِيَاطًا كَمَا فِي النَّقْلِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ سَابِقٌ أَلْبَتَّةَ بِأَنْ مَاتَا مَعًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الشَّرْطُ أَعْنِي قَوْلَهُ: فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا إلَخْ مَانِعٌ مِنْ الصِّدْقِ بِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ إلَّا بَعْدَ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَهَا مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ مَوْتِ سَيِّدِهَا أَوَّلًا لَا يَلْزَمُهَا بِسَبَبِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَحِينَئِذٍ لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدِهَا ثُمَّ لَمَّا مَاتَ زَوْجُهَا، وَهِيَ حُرَّةٌ لَزِمَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَبِتَقْدِيرِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ لَا يَلْزَمُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ ثُمَّ يَلْزَمُهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ لِكَوْنِهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ عِدَّةِ وَفَاةِ زَوْجِهَا حَلَّتْ لِسَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَكْثَرَ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ فَلِأَجْلِ هَذَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِالْأَمْرَيْنِ، وَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ شَبْلُونٍ وَالثَّانِي فَسَّرَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ
[بَاب أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]
(بَابُ الرَّضَاعِ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا مَعَ التَّاءِ وَتَرْكِهَا فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ، وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ الْكَسْرَ مَعَ التَّاءِ أَيْ أَنْكَرَ ثُبُوتَ ذَلِكَ فِي اللُّغَةِ، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: رَضِعَ مِنْ بَابِ تَعِبَ فِي لُغَةِ نَجْدٍ وَمِنْ بَابِ ضَرَبَ فِي لُغَةِ تِهَامَةَ وَأَهْلِ مَكَّةَ يَتَكَلَّمُونَ بِهِمَا اهـ قَالَ عِيَاضٌ: ذَكَرَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الْخَارِجِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ لَبَنٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ لِبَانٌ، وَاللَّبَنُ يُقَالُ لِلْخَارِجِ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ غَيْرِهِنَّ وَلَكِنْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا خِلَافُ قَوْلِهِمْ فَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَبَنُ الْفَحْلِ مُحَرِّمٌ» اهـ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا يَبْعُدُ حَمْلُ مَا فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْمَجَازِ أَوْ التَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ: لَبَنِ امْرَأَةٍ) أَيْ لَا لَبَنِ ذَكَرٍ فَلَا يُحَرِّمُ، وَلَوْ كَثُرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَبَنَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَمَا فِي عبق عَنْ تت وَقَوْلُهُ: امْرَأَةٍ أَيْ آدَمِيَّةٍ، وَأَمَّا لَبَنُ الْجِنِّيَّةِ فَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بَيْنَ مُرْتَضِعَيْهَا كَذَا فِي عبق وَتَوَقَّفَ فِيهِ وَلَدُهُ وَشَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي نِكَاحِهِمْ (قَوْلُهُ: لِلْجَوْفِ) أَيْ لِجَوْفِ الرَّضِيعِ لَا إنْ وَصَلَ لِلْحَلْقِ وَرُدَّ فَلَا يُحَرِّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَذَا فِي عبق وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي التَّحْرِيمِ هُوَ الْوُصُولُ لِلْجَوْفِ هُوَ الْوَاقِعُ فِي عِبَارَةِ الْكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ بَشِيرٍ هُوَ الْوُصُولُ لِلْحَلْقِ اُنْظُرْ طفي (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكًّا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ وُصُولُهُ لِلْجَوْفِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ وُصُولُهُ مَشْكُوكًا فِيهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وُصُولُ لَبَنِ امْرَأَةٍ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَلَوْ مَصَّهُ؛ لِأَنَّ " لَبَنَ " اسْمُ جِنْسٍ إفْرَادِيٍّ يَصْدُقُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ مَيِّتَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ حَيَّةً بَلْ وَلَوْ كَانَتْ مَيِّتَةً دَبَّ الطِّفْلُ فَرَضَعَهَا أَوْ حَلَبَ مِنْهَا وَعَلِمَ أَنَّ الَّذِي بِثَدْيِهَا لَبَنٌ ابْنُ نَاجِيٍّ وَكَذَا إنْ شَكَّ هَلْ هُوَ لَبَنٌ أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَبَنٌ حَرَّمَ وَإِلَّا فَلَا مُخَالِفَ لَهُ وَظَاهِرُ ح اعْتِمَادُ مَا لِابْنِ نَاجِيٍّ قَالَهُ عبق قَالَ بْن: وَالظَّاهِرُ انْتِفَاءُ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ بِأَنْ يَكُونَ الشَّكُّ الَّذِي نَفَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الشَّكَّ فِي وُجُودِ اللَّبَنِ وَعَدَمِهِ، وَالشَّكُّ الَّذِي أَثْبَتَ بِهِ التَّحْرِيمَ هُوَ الشَّكُّ فِي الْمَوْجُودِ هَلْ هُوَ لَبَنٌ أَمْ لَا فَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَاضِحٌ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مَيِّتَةً رُدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَوْلِ الشَّاذِّ بِعَدَمِ تَحْرِيمِ لَبَنِ الْمَيِّتَةِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَقَعُ بِغَيْرِ الْمُبَاحِ وَلَبَنُ الْمَيِّتَةِ نَجِسٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَا يَحْرُمُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَأَنَّهُ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ) إنَّمَا قَيَّدَ الصَّغِيرَةَ بِعَدَمِ إطَاقَةِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ أَمَّا لَوْ أَطَاقَتْهُ لَنُشِرَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَعَجُوزًا قَعَدَتْ عَنْ الْوَلَدِ) أَيْ عَنْ الْوِلَادَةِ أَيْ فَلَبَنُهَا مُحَرِّمٌ، وَهَذَا مُقْتَضَى مَا لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَبَنُ الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَا تُوطَأُ لِكِبَرٍ لَغْوٌ لَا أَعْرِفُهُ بَلْ فِي مُقَدِّمَاتِهِ تَقَعُ الْحُرْمَةُ بِلَبَنِ الْبِكْرِ وَالْعَجُوزِ الَّتِي لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute