وَقِيلَ يَوْمَ الرَّهْنِ (أَوْ) يَرْجِعُ (بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ فِي الدَّيْنِ قَوْلَانِ (نَقَلَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَيْهِمَا) وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْفَاضِلُ عَنْ الْقِيمَةِ وَوَفَاءُ الدَّيْنِ لِلْمُسْتَعِيرِ (وَضَمِنَ) الْمُسْتَعِيرُ (إنْ خَالَفَ) وَرَهَنَ فِي غَيْرِ مَا اسْتَعَارَ لَهُ لِتَعَدِّيهِ كَدَرَاهِمَ فَرَهَنَهُ فِي طَعَامٍ أَوْ عَكْسِهِ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ أَوْ قَامَتْ عَلَى تَلَفِهِ بَيِّنَةٌ، وَلِلْمُعِيرِ أَخْذُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَتَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ وَيَكُونُ رَهْنًا فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الصَّوَابُ أَوْ وِفَاقٌ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ) يَضْمَنُ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى التَّعَدِّي أَوْ خَالَفَ حَلَفَ الْمُعِيرُ أَمْ لَا نَظَرًا لِتَعَدِّيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا (أَوْ) مَحَلُّ الضَّمَانِ (إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ) عَلَى نَفْسِهِ (لِمُعِيرِهِ) بِالتَّعَدِّي (وَخَالَفَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ خَالَفَهُمَا فِي التَّعَدِّي وَقَالَ لِلْمُعِيرِ إنَّمَا أَعَرْتُهُ لِيَرْهَنَهُ فِي عَيْنِ مَا رَهَنَ فِيهِ وَلَمْ يَتَعَدَّ (وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ) عَلَى تَعَدِّي الْمُسْتَعِيرِ، فَإِنْ وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ أَوْ حَلَفَ الْمُعِيرُ عَلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ وَيَكُونُ رَهْنًا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيْ قَدْرِهَا مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ فَقَوْلُ أَشْهَبَ حِينَئِذٍ وِفَاقٌ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا حَيْثُ وَافَقَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُعِيرَ عَلَى أَنَّ الْإِعَارَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ عَلَى أَنْ يَرْهَنَ الْمُعَارَ فِي قَدْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَالَفَهُمَا الْمُرْتَهِنُ إذْ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ لَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ وَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ لَهُ قِيمَةَ سِلْعَتِهِ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ.
دَرْسٌ (وَبَطَلَ) الرَّهْنُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ كَمَا فِي المج.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ يَوْمَ الرَّهْنِ) تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ يَوْمُ الرَّهْنِ مُتَأَخِّرًا عَنْ يَوْمِ الِاسْتِعَارَةِ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الرَّهْنِ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ يَوْمَ الِاسْتِعَارَةِ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا أَدَّى) أَيْ أَوْ بِمَا أَدَّاهُ الْمُسْتَعِيرُ فِي دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِ الشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ وَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ لَا لِلشَّكِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ نُقِلَتْ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ نُقِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا) أَيْ رُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَرَوَاهَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يُتْبِعُهُ بِقِيمَتِهِ، وَرَوَاهَا غَيْرُهُ وَيُتْبِعُ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِ سِلْعَتِهِ وَلَمَّا اخْتَصَرَهَا الْبَرَاذِعِيُّ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَلَمَّا اخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ رُجُوعُ صَاحِبِهِ بِالْقِيمَةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ خَمْسِينَ وَبَاعَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِمِائَةٍ وَفَّى بِهَا دَيْنَهُ يَرْجِعُ صَاحِبُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِخَمْسِينَ وَالْخَمْسُونَ الْأُخْرَى تَكُونُ لِلْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَسْلَفَهُ نَفْسَ السِّلْعَةِ وَهِيَ حِينَئِذٍ إنَّمَا بِيعَتْ عَلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ بِتَمَامِهَا وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِائَةً وَبَاعَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِخَمْسِينَ فَبِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ كَدَرَاهِمَ) أَيْ كَاسْتِعَارَتِهِ لِرَهْنِهِ فِي دَرَاهِمَ فَرَهَنَهُ فِي طَعَامٍ.
(قَوْلُهُ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ) أَيْ أَنَّ لِلْمُعِيرِ تَضْمِينَهُ قِيمَتَهُ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ لِتَعَدِّيهِ وَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَتَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ كَذَا قَالَ عبق وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وعج وَابْنِ عَاشِرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ لَا يَصِحُّ تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ؛ لِأَنَّ أَشْهَبَ لَا يَقُولُ بِهَذَا التَّخْيِيرِ وَأَيْضًا يَكُونُ الْمُعِيرُ إذَا نَكَلَ يُخَيَّرُ فَلَهُ أَخْذُ شَيْئِهِ وَإِذَا حَلَفَ لَزِمَهُ إبْقَاؤُهُ فِي الدَّرَاهِمِ فَيَكُونُ النُّكُولُ أَنْفَعَ لَهُ مِنْ الْحَلِفِ وَهَذَا عَكْسُ الْقَوَاعِدِ فَالصَّوَابُ كَمَا أَفَادَهُ ح وَالْمَوَّاقُ وخش وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ ضَمَانَ الْعَدَاءِ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَيْثُ إذَا هَلَكَ أَوْ سُرِقَ أَوْ ضَاعَ يَضْمَنُهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ بِالتَّعَدِّي كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَائِمًا فَلَا سَبِيلَ إلَى تَضْمِينِهِ بَلْ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ وَتَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ مِثْلَ مَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا اهـ بْن إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ إذَا تَلِفَ وَلَوْ قَامَتْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ الْمُعِيرَ وَالْمُسْتَعِيرَ عَلَى التَّعَدِّي، وَقَوْلُهُ أَوْ خَالَفَ أَيْ أَوْ خَالَفَهُمَا بِأَنْ قَالَ لِلْمُعِيرِ إنَّمَا أَعَرْتُهُ لِيَرْهَنَ فِي عَيْنِ مَا رَهَنَ فِيهِ وَلَمْ يَتَعَدَّ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ خِلَافًا فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ إنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَأَشْهَبُ يَقُولُ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ مُطْلَقًا وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ بِالتَّعَدِّي) أَيْ وَوَافَقَهُ الْمُعِيرُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ) أَيْ وَنَكَلَ الْمُعِيرُ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ التَّعَدِّي (قَوْلُهُ فَقَوْلُ أَشْهَبَ حِينَئِذٍ وِفَاقٌ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ لَا يَضْمَنُ وَيَكُونُ رَهْنًا فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ أَوْ خَالَفَهُمَا وَحَلَفَ الْمُعِيرُ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَضْمَنُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ بِالتَّعَدِّي وَخَالَفَهُمَا الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ فَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةٍ وَكَلَامُ أَشْهَبَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ، وَقَدْ صَوَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ مَحَلُّهُمَا حَيْثُ وَافَقَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَحَلُّ الضَّمَانِ حَيْثُ أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّوْفِيقِ إذْ هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَمَصَبُّ التَّوْفِيقِ عَلَى الْحَالِ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَخَالَفَ الْمُرْتَهِنُ إلَخْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ خَالَفَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوْلَى حَذْفُهُ فَتَأَمَّلْ. .
[مُبْطِلَات الرَّهْن]
(قَوْلُهُ وَبَطَلَ بِشَرْطٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْبَيْعِ الْمُصَاحِبِ لِشَرْطٍ مُنَاقِضٍ لِمُقْتَضَاهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذَا أَسْقَطَ الشَّرْطَ، أَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute