(بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا) قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَا إنْ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (أَوْ تَرَكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ) مِنْ الْحِرَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْإِمَامَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ غُرْمُ مَا أَخَذَهُ مُطْلَقًا أَيْسَرَ أَوْ أَعْسَرَ بَقِيَ مَا أَخَذَهُ أَمْ لَا كَمَا قَدَّمَهُ
[دَرْسٌ] {بَابٌ} ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الشَّارِبِ ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الشَّارِبِ وَشُرُوطَهُ وَأَشْيَاءَ تُوجِبُ الضَّمَانَ وَدَفْعَ الصَّائِلِ فَقَالَ (بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ) أَيْ يَجِبُ بِسَبَبِ شُرْبِ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ (الْمُكَلَّفِ) وَالشُّرْبُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْفَمِ إذَا وَصَلَ لِحَلْقِهِ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ لِجَوْفِهِ لَا الْأَنْفِ وَنَحْوِهِ فَلَا حَدَّ فِيهِ وَلَوْ وَصَلَ لِجَوْفِهِ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ وَبِالْمُكَلَّفِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَأُدِّبَ صَبِيٌّ لِلزَّجْرِ وَذِمِّيٌّ إنْ أَظْهَرَهُ (مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ) ، وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ بِالْفِعْلِ لِقِلَّتِهِ مَثَلًا لَا مَا لَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ، وَإِنْ اعْتَقَدَهُ مُسْكِرًا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ إثْمُ الْجَرَاءَةِ (طَوْعًا) لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِهِ فَلَا يُحَدُّ وَالْمُكْرَهُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الطَّوْعِ (بِلَا عُذْرٍ) فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ غَلَطًا بِأَنْ ظَنَّهُ غَيْرًا كَمَا يَأْتِي (وَ) بِلَا (ضَرُورَةٍ) لَا إنْ شَرِبَهُ لِإِسَاغَةِ غَصِّهِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَنَحْوَهُ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَى قَوْلٍ وَالرَّاجِحُ عَدَمُهَا وَالْأَوْلَى حَذْفُ بِلَا عُذْرٍ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالضَّرُورَةِ أَوْ بِقَوْلِهِ (وَ) بِلَا (ظَنِّهِ) أَيْ الْمُسْكِرِ جِنْسُهُ (غَيْرًا) أَيْ غَيْرَ مُسْكِرٍ بِأَنْ ظَنَّهُ خَلًّا مَثَلًا فَشَرِبَهُ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ كَمَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ وَصَدَقَ إنْ كَانَ مَأْمُونًا لَا يُتَّهَمُ وَيَجِبُ الْحَدُّ عَلَى شَارِبِ الْمُسْكِرِ (وَإِنْ قَلَّ) جِدًّا بَلْ قَدْ قِيلَ لَوْ غَمَسَ إبْرَةً فِي خَمْرٍ وَوَضَعَهَا عَلَى لِسَانِهِ أَيْ وَابْتَلَعَ رِيقَهُ حُدَّ، فَإِنْ لَمْ يَبْتَلِعْهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى شُرْبًا (أَوْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ) مَعَ عِلْمِهِ الْحُرْمَةَ (أَوْ) جَهِلَ (الْحُرْمَةَ لِقُرْبِ عَهْدِ) بِإِسْلَامٍ فَيُحَدُّ (وَلَوْ) كَانَ الشَّارِبُ (حَنَفِيًّا يَشْرَبُ النَّبِيذَ) أَيْ يَرَى حِلَّ شُرْبِهِ إذَا لَمْ يُسْكِرْ الْقَلِيلُ مِنْهُ وَيُسْكِرُ كَثِيرُهُ وَشَرِبَ مِنْهُ الْقَدْرَ الَّذِي لَا يُسْكِرُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
حَدٌّ لِلْحِرَابَةِ (قَوْلُهُ: بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا) أَيْ مُلْقِيًا سِلَاحَهُ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ تَوْبَتُهُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ إقْرَارَهُ بِأَنَّهُ يَأْتِي طَائِعًا وَيَتْرُكُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحِرَابَةِ أَيْ وَعَدَّهُ بِذَلِكَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّهَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا عَلَيْهِ. . . إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَسَقَطَ حَدُّهَا بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ أَوْ تَرْكِ مَا هُوَ عَلَيْهِ
[بَابٌ حَدّ الشَّارِبِ]
{بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ حَدُّ الشَّارِبِ} (قَوْلُهُ بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ إلَخْ) لَفْظُ شَرِبَ يُفِيدُ أَنَّ الْحَدَّ مُخْتَصٌّ بِالْمَائِعَاتِ أَمَّا الْيَابِسَاتُ الَّتِي تُؤَثِّرُ فِي الْعَقْلِ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْأَدَبُ كَمَا أَنَّهَا لَا يَحْرُمُ مِنْهَا إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْلِ لَا مَا قَلَّ كَمَا أَنَّهَا طَاهِرَةٌ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا بِخِلَافِ الْخَمْرِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَصِلْ لِجَوْفِهِ) أَيْ بِأَنْ رَدَّهُ بَعْدَ وُصُولِهِ لِحَلْقِهِ (قَوْلُهُ: لَا الْأَنْفِ) أَيْ إنْ وَصَلَ مِنْ الْأَنْفِ وَنَحْوِهِ كَالْأُذُنِ وَالْعَيْنِ هَذَا إذَا وَصَلَ لِحَلْقِهِ مِمَّا ذَكَرَ بَلْ وَلَوْ وَصَلَ لِجَوْفِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَسْكَرَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ) أَيْ فَلَا يُحَدُّ وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا (قَوْلُهُ: إنْ أَظْهَرَهُ) أَيْ إنْ أَظْهَرَ شُرْبَ الْمُسْكِرِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ: لَا مَا لَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ) أَيْ فَإِذَا شَرِبَ شَيْئًا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ خَمْرٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ خَمْرٍ فَلَا يُحَدُّ وَعَلَيْهِ إثْمُ الْجَرَاءَةِ (قَوْلُهُ: طَوْعًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الْمَصْدَرِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ طَائِعًا (قَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الطَّوْعِ) أَيْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ غَلَطًا) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ الْغَلَطُ أَيْ مَعَ خُلُوِّ الذِّهْنِ عَنْ ظَنِّهِ غَيْرًا لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا يَأْتِي وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْعُذْرَ غَيْرُ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا إزَالَةُ الْغُصَّةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَبِلَا ضَرُورَةٍ وَلَا ظَنِّهِ غَيْرًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالضَّرُورَةِ فِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ الِاسْتِغْنَاءُ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ إزَالَةُ الْغُصَّةِ وَأَنَّ الضَّرُورَةَ كَذَلِكَ كَمَا حَلَّ بِهِ عبق (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَرُمَ) أَيْ شُرْبُهُ لِإِسَاغَةِ الْغُصَّةِ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ وَهُوَ لِابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ) عَدَمُهَا أَيْ عَدَمُ حُرْمَةِ شُرْبِهِ لِإِسَاغَةِ الْغُصَّةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ ظَنَّهُ خَلًّا مَثَلًا) أَيْ أَوْ لَبَنًا أَوْ مَاءً أَوْ عَسَلًا وَقَوْلُهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْ وَلَوْ سَكِرَ مِنْهُ قَالَ عبق وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ قُدُومِهِ عَلَى شُرْبِهِ مَعَ ظَنِّهِ غَيْرًا، وَأَمَّا مَعَ شَكِّهِ فِي كَوْنِهِ غَيْرًا فَيَحْرُمُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ لِدَرْئِهِ بِشُبْهَةِ الشَّكِّ.
(قَوْلُهُ: كَمَنْ وَطِئَ) أَيْ كَعُذْرِ مَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ) أَيْ شَارِبُ الْخَمْرِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ غَيْرٌ وَكَذَا يُصَدَّقُ وَاطِئُ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ إنْ كَانَ يَتَأَتَّى الِاشْتِبَاهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الزِّنَا بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ زَوْجَتِهِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ رَفِيعَةً أَوْ سَمِينَةً لَا إنْ اخْتَلَفَا (قَوْلُهُ: بَلْ قَدْ قِيلَ إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ ح فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَارْتَضَاهُ عج وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ: إنَّهُ لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُسَمَّى شُرْبًا وَالْقَوْلُ بِحَدِّهِ مِنْ التَّعَمُّقِ فِي الدِّينِ (قَوْلُهُ أَيْ يَرَى حِلَّ شُرْبِهِ) أَيْ يَرَى حِلَّ شُرْبِ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يَسْكَرُ مِنْهُ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الْخَمْرَ وَهُوَ مَا اُتُّخِذَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَدَخَلَتْهُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ شُرْبُهُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَمُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَلِرَدِّ الشَّهَادَةِ إجْمَاعًا لَا فَرْقَ بَيْنَ شُرْبِ كَثِيرِهِ وَقَلِيلِهِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ، وَأَمَّا النَّبِيذُ وَهُوَ مَا اتَّخَذَ مِنْ مَاءِ الزَّبِيبِ أَوْ الْبَلَحِ وَدَخَلَتْهُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ فَشُرْبُ الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ مِنْهُ كَبِيرَةٌ وَمُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ إجْمَاعًا وَأَمَّا شُرْبُ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يَسْكَرُ مِنْهُ لِقِلَّتِهِ فَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ كَبِيرَةٌ وَمُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَلِرَدِّ الشَّهَادَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute