للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كَسِتِّينَ مِيلًا) بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَإِنْ جَلَبَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ حُضُورٌ (إلَّا بِشَاهِدٍ) مِنْ الْمُدَّعِي يَشْهَدُ بِالْحَقِّ فَيَجْلُبُهُ قَهْرًا عَنْهُ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ لَهُ إمَّا أَنْ تَحْضُرَ، أَوْ تُوَكِّلَ أَوْ تُرْضِيَ خَصْمَك.

(وَلَا يُزَوِّجُ) الْقَاضِي (امْرَأَةً) أَيْ لَا يَتَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِهَا حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهَا إلَّا الْحَاكِمُ (لَيْسَتْ بِوِلَايَتِهِ) بِأَنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهَا إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا مِنْ أَهْلِهَا فَإِنْ زَوَّجَهَا جَرَى عَلَى تَفْصِيلِ النِّكَاحِ الْمُتَقَدِّمِ بِقَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبَرْ وَقَوْلُهُ وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيَّةٍ مَعَ خَاصٍّ لَمْ يُجْبَرْ كَشَرِيفَةٍ دَخَلَ بِهَا وَطَالَ.

(وَهَلْ يُدَّعَى) بِالْعَقَارِ الْغَائِبِ مَثَلًا (حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ نَحْضُرُ مَحَلَّ الْعَقَارِ الْمُدَّعَى بِهِ (وَبِهِ عُمِلَ) وَحُكِمَ بِهِ بِالْمَدِينَةِ وَالْأَنْدَلُسِ فَهُوَ الرَّاجِحُ (أَوْ) حَيْثُ (الْمُدَّعَى) أَيْ الْعَقَارُ الْمُدَّعَى فِيهِ فَيُجَابَ الْمَطْلُوبُ لِقَوْلِهِ حَتَّى نَحْضُرَ مَحَلَّ الْحَادِثَةِ (وَأُقِيمَ) هَذَا الْقَوْلُ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، فَالْخِلَافُ فِي الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ وَعَلَى الرَّاجِحِ فَيَدَّعِي الطَّالِبُ حَيْثُ تَعَلَّقَ بِخَصْمِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ فِيمَا سَلَفَ بِقَوْلِهِ وَحَكَمَ بِمَا يَتَمَيَّزُ غَائِبًا بِالصِّفَةِ.

(وَفِي) (تَمْكِينِ) شَخْصٍ مِنْ (الدَّعْوَى لِغَائِبٍ) أَيْ عَنْهُ (بِلَا وَكَالَةٍ) مِنْهُ لِلْمُدَّعِي فِي الدَّعْوَى عَنْهُ، وَإِنَّمَا ادَّعَى عَنْ الْغَائِبِ حِسْبَةً لِلَّهِ خَوْفَ ضَيَاعِ حَقِّ الْغَائِبِ (تَرَدُّدٌ) حَقُّهُ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَاجِشُونِ.

بَابٌ فِي الشَّهَادَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا: الشَّهَادَةُ إخْبَارُ حَاكِمٍ عَنْ عِلْمٍ لِيَقْضِيَ بِمُقْتَضَاهُ وَإِنَّمَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْعَدْلِ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (الْعَدْلُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَمْ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ. (قَوْلُهُ: كَسِتِّينَ مِيلًا) أَيْ وَكَذَا مَا قَارَبَهَا مِمَّا زَادَ عَلَى الْعَدْوَى. (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَاهِدٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا يَشْهَدُ لَهُ بِالْحَقِّ فَيَجْلُبُهُ كَمَنْ عَلَى مَسَافَتِهَا.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهَا) أَيْ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ وَأَنَّهَا وَكَّلَتْ ذَلِكَ الْقَاضِيَ فِي الْعَقْدِ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا) أَيْ أَصْلُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ فَلَا يُزَوِّجُ قَاضِي مِصْرَ امْرَأَةً بِالشَّامِ وَإِنْ كَانَتْ مِصْرِيَّةً وَأَمَّا مَنْ كَانَتْ فِي وِلَايَتِهِ فَيُزَوِّجُهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا فَيُزَوِّجُ قَاضِي مِصْرَ الشَّامِيَّةَ الْمُقِيمَةَ بِمِصْرَ. (قَوْلُهُ: بِقَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ إلَخْ) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيَّةٍ إلَخْ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ لَا وَلِيَّ لَهَا خَاصٌّ إلَّا الْقَاضِي فَلَيْسَ هُنَاكَ أَقْرَبُ وَلَا أَبْعَدُ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ حَيْثُ إلَخْ) أَيْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَبِهِ عُمِلَ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ حَيْثُ الْمُدَّعَى بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ فَحَذَفَ الْجَارَّ فَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ فَلَيْسَ نَائِبُ الْفَاعِلِ مَحْذُوفًا بَلْ مُسْتَتِرًا أَيْ أَوْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى بِهِ كَالْعَقَارِ. (قَوْلُهُ: مَحَلَّ الْحَادِثَةِ) أَيْ مَحَلَّ الْمُدَّعَى بِهِ. (قَوْلُهُ: وَأُقِيمَ مِنْهَا) أَيْ إقَامَةَ فَضْلٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَمَّا حَيْثُ الْمُدَّعِي بِالْكَسْرِ فَلَمْ يُقِمْهُ فَضْلٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ بِمَنْصُوصٍ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَوَطِّنًا فِي بَلَدٍ وَالْمُدَّعَى بِهِ فِي أُخْرَى كَانَتْ بَلَدَ الْمُدَّعِي أَوْ غَيْرَهَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي وِلَايَةِ قَاضٍ غَيْرِ الْآخَرِ فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ تَكُونُ الْخُصُومَةُ حَيْثُ الْمُدَّعَى بِهِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ ح فَإِنْ كَانَ الْمُتَدَاعِيَانِ مِنْ بَلَدَيْنِ وَكِلَاهُمَا مِنْ وِلَايَةِ قَاضٍ وَاحِدٍ فَالدَّعْوَى بِمَحَلِّ الْقَاضِي كَانَ بَلَدَ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَهُمَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ بِمَحَلِّ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِهِ وَجَلَبَ الْخَصْمَ إلَخْ وَإِنْ كَانَ الْمُتَدَاعِيَانِ مِنْ مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَتَعَدَّدَ فِيهِ الْقَاضِي فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ كَمَا مَرَّ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ بِمَحَلِّهِ أَيْضًا أَمْ لَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فِي الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ) بِخِلَافِ مَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَمِ كَالدَّيْنِ فَإِنَّ الْخِصَامَ حَيْثُ تَعَلَّقَ الطَّالِبُ بِالْمَطْلُوبِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَعَلَّقَ) أَيْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي تَعَلَّقَ فِيهِ بِخَصْمِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَوْجُودًا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَفِي تَمْكِينِ الدَّعْوَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْغَائِبَ غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ قَرِيبَةً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَخِيفَ عَلَيْهِ تَلَفُهُ أَوْ غُصِبَ أَوْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَنْ يُخْشَى فِرَارُهُ أَوْ أَرَادَ سَفَرًا بَعِيدًا فَأَرَادَ شَخْصٌ قَرِيبٌ لِلْغَائِبِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْهُ احْتِسَابًا لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلَهُ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ حِفْظًا لِمَالِ الْغَيْرِ - وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ - أَوْ لَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ؟ وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا كَانَ مَنْ يُرِيدُ الدَّعْوَى لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ أَمَّا مَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ كَزَوْجَةِ الْغَائِبِ وَأَقَارِبِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فَيُمَكَّنُونَ مِنْ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ ضَمَانٌ كَمُسْتَعِيرٍ لِمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمُرْتَهِنٍ رَهْنًا كَذَلِكَ وَحَمِيلٍ مَدِينٍ أَرَادَ فِرَارًا أَوْ سَفَرًا بَعِيدًا فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: فِي الدَّعْوَى عَنْهُ) أَيْ لَا عَلَيْهِ إذْ قَدْ مَرَّ تَفْصِيلُهُ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ.

[بَابٌ فِي الشَّهَادَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

قَوْلُهُ (الشَّهَادَةُ) أَيْ اصْطِلَاحًا وَأَمَّا لُغَةً فَمَعْنَاهَا الْبَيَانُ وَسُمِّيَ الشَّاهِدُ شَاهِدًا لِأَنَّهُ بَيَّنَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ وَهُوَ أَحَدُ مَعَانِي اسْمِهِ تَعَالَى الشَّهِيدِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْله تَعَالَى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} [آل عمران: ١٨] أَيْ بَيَّنَ وَقِيلَ هِيَ فِيهِمَا بِمَعْنَى الْعِلْمِ (قَوْلُهُ إخْبَارُ حَاكِمٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ إخْبَارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>