للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ أَبُوهَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً) أَوْ صَغِيرَةً بِالْأَوْلَى (وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ) جَبْرًا عَلَيْهَا أَوْ ابْتِدَاءً وَهَذَا جَارٍ فِي كُلِّ عَيْبٍ بِالْفَرْجِ، وَأَمَّا بِرِضَاهَا فَيَنْظُرْنَهَا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَتَى) الزَّوْجُ (بِامْرَأَتَيْنِ تَشْهَدَانِ لَهُ) (قُبِلَتَا) وَلَا يَكُونُ تَعَمُّدُ نَظَرِهِمَا لِلْفَرْجِ جُرْحَةً إمَّا لِعُذْرِهِمَا بِالْجَهْلِ أَوْ لِكَوْنِ الْمَانِعِ مِنْ نَظَرِهِمَا حَقُّ الْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَوْرَتِهَا فَإِنْ رَضِيتُ جَازَ لِلضَّرُورَةِ.

(وَإِنْ) (عَلِمَ الْأَبُ) أَوْ غَيْرُهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ، وَقَدْ شَرَطَ الزَّوْجُ بَكَارَتَهَا (بِثُيُوبَتِهَا بِلَا وَطْءٍ) مِنْ نِكَاحٍ بَلْ بِوَثْبَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ زِنًا (وَكَتَمَ) (فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ) ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ فَتُرَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ.

وَلَمَّا ذَكَرَ لِمَا يُوجِبُ الرَّدَّ وَمَا لَا يُوجِبُهُ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّدَاقِ فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَ) إنْ وَقَعَ الِاخْتِيَارُ (مَعَ الرَّدِّ) (قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ) لَهَا سَوَاءٌ وَقَعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا فَهِيَ مُدَلِّسَةٌ، وَإِنْ كَانَ بِهِ فَهِيَ مُخْتَارَةٌ لِفِرَاقِهِ (كَغُرُورٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا (بِحُرِّيَّةٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

مِنْهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينٍ اهـ؛ لِأَنَّ هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَنَقَلَهُ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ وَكُلُّ أَصْحَابِهِ غَيْرُ سَحْنُونٍ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَبُوهَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً) إنْ قُلْتَ كَيْفَ يَحْلِفُ الْأَبُ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ مَعَ أَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَحْلِفُ لِيَسْتَحِقَّ هُوَ لَا لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ قُلْتُ أَمَرَ الْأَبُ بِالْحَالِفِ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّ وَلِيَّتَهُ سَالِمَةٌ فَالْغُرْمُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَالْحَلِفُ لِرَدِّ الْغُرْمِ عَنْ نَفْسِهِ لَا لِاسْتِحْقَاقِ غَيْرِهِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَالْأَخُ كَالْأَبِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمْ بَلْ عَلَيْهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ صَحِيحٌ وَيَنْبَغِي كَوْنُهَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى إلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَكُونُ يَوْمَ الْعَقْدِ إلَّا ظَاهِرًا فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى نَحْوِ مَا وَجَبَتْ عَلَى الْأَبِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: كُلُّ الْأَيْمَانِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْبَتِّ. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: قَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ: إذَا كَانَ الزَّوْجُ لَمْ يَدْخُلْ بِالزَّوْجَةِ فَإِنَّمَا تَجِبُ الْيَمِينُ عَلَيْهَا لَا عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْقَرَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا بِحَيْثُ يَجِبُ الْغُرْمُ عَلَى الْوَلِيِّ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْقَرَابَةِ أَوْ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ) وَقَالَ سَحْنُونٌ: يَجُوزُ النَّظَرُ لِلْفَرْجِ لِلنِّسَاءِ لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ وَتُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى نَظَرِهِنَّ لَهُ قَالَ بْن الَّذِي تَلَقَّيْتُهُ مِنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْمُفْتِينَ أَنَّ الْعَمَلَ جَرَى بِفَاسَ بِقَوْلِ سَحْنُونٍ هَذَا.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا جَارٍ فِي كُلِّ عَيْبٍ بِالْفَرْجِ) أَيْ وَلَا يُقْتَصَرُ عَلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: فَلَا مُنَافَاةَ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى الْجَوَابَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَى بِامْرَأَتَيْنِ) أَيْ أَوْ بِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ كَالْمَرْأَةِ فِي دَائِهَا وَكَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا إذَا أَتَى الرَّجُلُ بِامْرَأَتَيْنِ تَشْهَدَانِ لَهُ عَلَى مَا هِيَ مُصَدَّقَةٌ فِيهِ كَنَفْيِ الرَّتَقِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَا تُصَدَّقُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ حَصَلَتْ الشَّهَادَةُ بَعْدَ حَلِفِهَا عَلَى مَا ادَّعَتْ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: قُبِلَتَا) أَيْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِمَالٍ إلَّا أَنَّهَا تَئُولُ لَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ ثَمَرَتِهَا سُقُوطَ الصَّدَاقِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِ الْمَانِعِ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي بَحْثِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِفَرْجِ الْمَرْأَةِ، وَلَوْ رَضِيَتْ.

قُلْتُ: أُجِيبَ مَا فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِنَفْعٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا جَازَ كَمَا فِي هَذِهِ وَمِثْلُهَا الطِّبُّ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِعُذْرِهِمَا بِالْجَهْلِ) أَيْ بِجَهْلِ حُرْمَةِ النَّظَرِ لِلْعَوْرَةِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ الْأَبُ بِثُيُوبَتِهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا بِكْرًا فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا فَلَا رَدَّ لَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّهَا عَذْرَاءُ أَوْ أَنَّهَا بِكْرٌ وَوَجَدَهَا قَدْ ثُيِّبَتْ بِنِكَاحٍ فَإِنْ اشْتَرَطَ الْبَكَارَةَ وَوَجَدَهَا قَدْ ثُيِّبَتْ بِوَثْبَةٍ أَوْ بِزِنًا فَهَلْ لَهُ الرَّدُّ أَوْ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْبَكَارَةِ صَادِقٌ عَلَى ذَلِكَ تَرَدُّدٌ وَمَحَلُّ هَذَا التَّرَدُّدِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ بِثُيُوبَتِهَا حِينَ اشْتِرَاطِ الزَّوْجِ الْبَكَارَةَ وَكَتَمَ ذَلِكَ عَنْ الزَّوْجِ فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهَا ثَيِّبًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ فَلَا رَدَّ مُطْلَقًا أَيْ عَلِمَ الْأَبُ بِثُيُوبَتِهَا أَمْ لَا، وَإِنْ شَرَطَ الْعَذَارَةَ أَوْ الْبَكَارَةَ وَكَانَ زَوَالُهَا بِنِكَاحٍ فَلَهُ الرَّدُّ مُطْلَقًا، وَإِنْ اشْتَرَطَ الْبَكَارَةَ وَكَانَ زَوَالُهَا بِزِنًا أَوْ وَثْبَةٍ فَإِنْ عَلِمَ الْأَبُ وَكَتَمَ عَلَى الزَّوْجِ الْمُشْتَرِطِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ.

(قَوْلُهُ: فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ) أَيْ وَرَجَعَ بِالصَّدَاقِ عَلَى الْأَبِ وَعَلَى غَيْرِهِ إنْ تَوَلَّى الْعَقْدَ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ) هُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَبَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ لَا رَدَّ لَهُ

[مَا يَتَرَتَّبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّدَاقِ]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِيَارُ مَعَ الرَّدِّ إلَخْ) كَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْفَاءِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّهَا تُزَادُ بَعْدَ كَلِمَةِ الظَّرْفِ كَثِيرًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} [الأحقاف: ١١] وَقَوْلُهُ: الِاخْتِيَارُ هُوَ بِمَعْنَى الْخِيَارِ وَهُوَ لَازِمٌ لِلرَّدِّ.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ وَقَعَ) أَيْ الرَّدُّ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ هَذَا ظَاهِرٌ فِي رَدِّهَا لَهُ بِعَيْبِهِ، وَأَمَّا فِي رَدِّهَا لَهُ بِعَيْبِهَا فَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَا صَدَاقَ لَهَا إنْ رَدَّهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ لَا إنْ رَدَّهَا بِهِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الرَّدُّ بِعَيْبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ بِغَيْرِ شَرْطٍ أَوْ بِعَيْبٍ لَا يُوجِبُهُ إلَّا بِشَرْطٍ وَحَصَلَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>