عَلَى الْوَصِيِّ إنْ لَمْ يَصْرِفْهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا، وَالْمُرَادُ بِالْفَوَاتِ هُنَا ذَهَابُ الْعَيْنِ، أَوْ تَغَيُّرُ الصِّفَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَمَا لَوْ دَبَّرَ) الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ، وَأَوْلَى إنْ أَعْتَقَهُ (أَوْ كَبِرَ صَغِيرٌ) عِنْدَهُ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ الثَّمَنِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَكَالْغَاصِبِ فَلَهُ أَخْذُهُ، أَوْ الثَّمَنِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ كَاتَبَهُ، أَوْ، أَوْلَدَهَا فَلَهُ أَخْذُهَا وَقِيمَةِ الْوَلَدِ فَلِذَا قَالَ فَكَالْغَاصِبِ
[دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي الشُّفْعَةِ، وَأَحْكَامِهَا وَمَا تَثْبُتُ فِيهِ وَمَا لَا تَثْبُتُ فِيهِ
(الشُّفْعَةُ) بِضَمِّ الشِّينِ وَسُكُونِ الْفَاءِ (أَخْذُ شَرِيكٍ) أَيْ اسْتِحْقَاقُهُ الْأَخْذَ أَخَذَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَمْ يَأْخُذْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَالْأَخْذُ كَضِدِّهِ أَيْ التَّرْكِ عَارِضٌ لَهَا، وَالْعَارِضُ لِشَيْءٍ غَيْرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَعْرُوضِ فَالْأَخْذُ أَيْ اسْتِحْقَاقُهُ جِنْسًا، وَإِضَافَتُهُ لِلشَّرِيكِ خَرَجَ بِهِ اسْتِحْقَاقُ أَخْذِ الدَّائِنِ دَيْنَهُ، وَالْمُودِعِ وَدِيعَتَهُ، وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَنَابَهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِمْ (وَلَوْ) كَانَ الشَّرِيكُ (ذِمِّيًّا بَاعَ) شَرِيكُهُ (الْمُسْلِمُ) شِقْصَهُ (لِذِمِّيٍّ) ، أَوْ لِمُسْلِمٍ فَلِلذِّمِّيِّ الْأَخْذُ مِنْ الْمُشْتَرِي الذِّمِّيِّ، أَوْ الْمُسْلِمِ وَخُصَّ الذِّمِّيُّ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ لِذِمِّيٍّ كَانَتْ الْمُخَاصَمَةُ بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ فَيُتَوَهَّمُ أَنْ لَا نَتَعَرَّضَ لَهُمَا وَعَلَى هَذَا فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ خَمْسُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إمَّا مُسْلِمَانِ بَاعَ أَحَدُهُمَا لِمُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ، وَإِمَّا ذِمِّيَّانِ بَاعَ أَحَدُهُمَا لِمُسْلِمٍ، وَإِمَّا مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بَاعَ الذِّمِّيُّ لِمُسْلِمٍ، أَوْ الْمُسْلِمُ لِمُسْلِمٍ وَصُورَةُ الْمُبَالَغَةِ سَادِسَةٌ.
وَالسَّابِعَةُ قَوْلُهُ (كَذِمِّيِّينَ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي، وَالشَّفِيعِ الَّذِي هُوَ شَرِيكُ الْبَائِعِ ذِمِّيًّا فَلَا نَقْضِي لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ إلَّا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا رَاضِينَ بِحُكْمِنَا بِخِلَافِ الصُّوَرِ السِّتِّ الَّتِي قَبْلَهَا فَثَابِتَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا دَخْلَ لَهُ، لَكِنْ حَمَلَهُ عَلَى الْجَمْعِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْبَائِعُ وَصِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ صَرَفَهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا.
وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقُّ لَمْ يُعْرَفْ بِالْحُرِّيَّةِ وَكَذَلِكَ الْمَشْهُودُ بِمَوْتِهِ لَمْ تُعْذَرْ بَيِّنَتُهُ فَإِنَّ سَيِّدَ الْأَوَّلِ وَنَفْسَ الثَّانِي يُخَيَّرُ فِي أَخْذِ مَا وُجِدَ قَائِمًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي مَجَّانًا بِلَا ثَمَنٍ وَفِي أَخْذِ ثَمَنِهِ الَّذِي بِيعَ بِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ كَانَ وَصِيًّا صَرَفَهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَا وَجَدَهُ قَائِمًا فَاتَ، أَوْ لَمْ يَفُتْ (قَوْلُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْفَوَاتِ هُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَعْرُوفِ بِالْحُرِّيَّةِ، وَالْمَشْهُودِ بِمَوْتِهِ وَعُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ وَقَوْلُهُ ذَهَابُ الْعَيْنِ، أَوْ تَغَيُّرُ الصِّفَةِ أَيْ لَا حَوَالَةُ السُّوقِ فَهُوَ غَيْرُ فَوْتٍ هُنَا (قَوْلُهُ، وَأَوْلَى إنْ أَعْتَقَهُ) أَيْ، أَوْ كَاتَبَهُ، أَوْ، أَوْلَدَ الْأَمَةَ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ ثَمَنِهَا وَقِيمَةِ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ عُرِفَ بِالْحُرِّيَّةِ وَعُذِرَتْ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهَا وَقِيمَةِ الْوَلَدِ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ. .
[بَاب الشُّفْعَةِ]
(بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ) أَيْ فِي بَيَانِ حَقِيقَتِهَا (قَوْلُهُ الشُّفْعَةُ أَخْذُ شَرِيكٍ) أَيْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ لَا بِأَذْرُعٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُمَا جَارَانِ وَلَا بِغَيْرِ مُعَيَّنَةٍ عِنْدَ مَالِكٍ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَأَفْتَى بِهِ، وَلِأَشْهَبَ فِيهَا الشُّفْعَةُ.
فَإِنْ قُلْتَ كُلٌّ مِنْ الْجُزْءِ كَالثُّلُثِ، وَالْأَذْرُعِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ شَائِعٌ قُلْتُ شُيُوعُهُمَا مُخْتَلِفٌ إذْ الْجُزْءُ شَائِعٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ وَلَوْ قَلَّ مِنْ أَجْزَاءِ الْكُلِّ وَلَا كَذَلِكَ الْأَذْرُعُ؛ لِأَنَّ الْأَذْرُعَ إذَا كَانَتْ خَمْسَةً إنَّمَا تَكُونُ شَائِعَةً فِي قَدْرِهَا أَيْ فِي كُلِّ خَمْسَةٍ مِنْ الْأَذْرُعِ لَا فِي أَقَلَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ أَيْ اسْتِحْقَاقُهُ الْأَخْذَ إلَخْ) أَيْ فَفِي الْكَلَامِ مَجَازٌ بِالْحَذْفِ، أَوْ أَنَّهُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ، وَإِطْلَاقِ الْأَخْذِ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجَازًا كَمَا عَلِمْتَ لَكِنَّهُ مَشْهُورٌ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْمَجَازَاتِ يَجِبُ صَوْنُ التَّعَارِيفِ عَنْهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِحْقَاقِ هُنَا صَيْرُورَةُ الشَّرِيكِ مُسْتَحِقًّا لِلْأَخْذِ، وَأَهْلًا لَهُ، أَوْ أَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لَهُ صِحَّةَ الْأَخْذِ جَبْرًا فَالسِّينُ، وَالتَّاءُ لِلصَّيْرُورَةِ، أَوْ أَنَّهُمَا لِلطَّلَبِ أَيْ فَهُوَ طَلَبُ الشَّرِيكِ الْأَخْذَ كَمَا قَالَ عبق وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمَ الَّذِي هُوَ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ هُنَا.
(قَوْلُهُ عَارِضٌ لَهَا) أَيْ طَارِئٌ بَعْدَهَا وَمُتَرَتِّبٌ عَلَيْهَا إذْ يُقَالُ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِشُفْعَتِهِ، أَوْ تَرَكَ الْأَخْذَ بِهَا (قَوْلُهُ غَيْرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَعْرُوضِ) أَيْ بِالْبَدَاهَةِ، وَإِلَّا كَانَتْ الصِّفَةُ عَيْنَ مَوْصُوفِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ) أَيْ الطَّالِبُ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ لِمُسْلِمٍ) هَذَا مُنْدَرِجٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّرِيكُ الطَّالِبُ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ مُسْلِمًا وَبَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ، أَوْ الذِّمِّيُّ لِمُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ، أَوْ كَانَ ذِمِّيًّا وَبَاعَ لِشَرِيكِهِ الذِّمِّيِّ لِمُسْلِمٍ، أَوْ بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ لِمُسْلِمٍ، بَلْ وَلَوْ بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ لِذِمِّيٍّ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ، وَحُجَّةُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْبَائِعُ مُسْلِمًا كَانَ لِلْإِسْلَامِ مَدْخَلٌ فِي الْجُمْلَةِ فَيَكْفِي طَلَبُ الشَّفِيعِ وَيَجْبُرُ الذِّمِّيُّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الدَّفْعِ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا (قَوْلُهُ وَخُصَّ الذِّمِّيُّ) أَيْ وَخُصَّ الذِّمِّيُّ الثَّانِي بِالذِّكْرِ بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ دُونَ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَهَّمَ) الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَإِلَّا فَتَوَهُّمُ عَدَمِ أَخْذِ الذِّمِّيِّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْمُسْلِمِ أَكْثَرُ مِنْ تَوَهُّمِ عَدَمِ أَخْذِ الذِّمِّيِّ مِنْ الذِّمِّيِّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ خَمْسُ صُوَرٍ) الْأَوْلَى سِتُّ صُوَرٍ كَمَا عَلِمْت مِمَّا ذَكَرْنَا، وَصُورَةُ الْمُبَالَغَةِ سَابِعَةٌ وَقَوْلُهُ كَذِمِّيِّينَ ثَامِنَةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا دَخْلَ لَهُ) أَيْ لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّحَاكُمِ؛ لِأَنَّ التَّحَاكُمَ مِنْ خُصُوصِ الْمُتَنَازِعَيْنِ أَعْنِي الشَّفِيعَ