أَيْ تَرْكُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ خَاصَّةً لَا الْوَطْءُ مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا حَتَّى فِي قَضَاءِ الْمَنَازِلِ تَعْظِيمًا لِلْقِبْلَةِ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَالْمُخْتَارُ التَّرْكُ بِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ جَازَ فِي الْوَطْءِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ اخْتَارَ فِيهِ الْجَوَازَ مَعَ السَّاتِرِ فِي الْفَضَاءِ وَغَيْرِهِ، الثَّانِي: أَنَّ ظَاهِرَهُ أَيْضًا أَنَّ اخْتِيَارَهُ خَاصٌّ بِالْفَضَاءِ مَعَ السَّاتِرِ مَعَ أَنَّهُ جَارٍ عِنْدَهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مَعَ السَّاتِرِ مَا عَدَا الْمِرْحَاضِ، فَإِنَّهُ مَعَ السَّاتِرِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَمَعَ غَيْرِهِ فِيهِ طَرِيقَانِ وَمَا لِلَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصُّوَرَ كُلَّهَا جَائِزَةٌ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فِي الْفَضَاءِ أَيْ الصَّحْرَاءِ بِغَيْرِ سَاتِرٍ فَحَرَامٌ فِي الْوَطْءِ وَالْفَضْلَةِ (لَا) اسْتِقْبَالُ أَوْ اسْتِدْبَارُ (الْقَمَرَيْنِ) الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (وَ) لَا (بَيْتِ الْمَقْدِسِ) فَلَا يَحْرُمُ بَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا
[دَرْسٌ] (وَوَجَبَ) بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (اسْتِبْرَاءٌ) مُصَوَّرٌ ذَلِكَ وَمُفَسَّرٌ (بِاسْتِفْرَاغِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: أَيْ تَرْكُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطَ) مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا أَيْ فِي الْفَضَاءِ مَعَ السَّاتِرِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَأَوْلَى عِنْدَ عَدَمِهِ وَقَوْلُهُ: لَا الْوَطْءُ أَيْ.
وَأَمَّا الْوَطْءُ فِي الْفَضَاءِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَهُ يَعْنِي مَعَ السَّاتِرِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: تَعْظِيمًا إلَخْ) عِلَّةٌ لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ تَرْكَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِي الْفَضَاءِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا وَلَوْ بِسَاتِرٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ اللَّخْمِيِّ اخْتَارَ تَرْكَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا فِي الْفَضَاءِ حَتَّى فَضَاءِ الْمَنَازِلِ وَلَوْ مَعَ السَّاتِرِ.
وَأَمَّا الْوَطْءُ فِيهِ مَعَ السَّاتِرِ فَلَا يُمْنَعُ عِنْدَهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ تَرْكَ كُلٍّ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْوَطْءِ مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا فِي الْفَضَاءِ وَلَوْ بِسَاتِرٍ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِوَجْهَيْنِ إلَخْ) الْأَوَّلُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَالثَّانِي لح قَالَ بْن وَكِلَاهُمَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّخْمِيِّ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ اسْتِوَاءُ الْوَطْءِ وَالْحَدَثِ وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ عَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِالْجِمَاعِ إلَى الْقِبْلَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَرَاحِيضِ وَجَوَازُ ذَلِكَ فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَالشَّأْنُ فِي كَوْنِ أَهْلِ الْإِنْسَانِ مَعَهُ فَمَعَ انْكِشَافِهِمَا يُمْنَعُ فِي الصَّحْرَاءِ وَيَخْتَلِفُ فِي الْمُدُنِ وَمَعَ الِاسْتِتَارِ يَجُوزُ فِيهِمَا اهـ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَقِبَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ اسْتِوَاءُ الْوَطْءِ وَالْحَدَثِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَصَدَقَ فِي كَوْنِ ذَلِكَ ظَاهِرَ اللَّخْمِيِّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَمَعَ انْكِشَافِهِمَا يُمْنَعُ فِي الصَّحْرَاءِ ظَاهِرُهُ كَانَ بِسَاتِرٍ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ مَعَ الِاسْتِتَارِ يَجُوزُ فِيهِمَا إنَّمَا جَوَّزَ الْوَطْءَ مَعَ الِاسْتِتَارِ بِثَوْبَيْهِمَا وَلَمْ يُجَوِّزْ الْغَائِطَ إذَا سَدَلَ ثَوْبَهُ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ أَخَفُّ مِنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ اهـ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ جَارٍ فِي الْفَضَاءِ يَعْنِي الصَّحْرَاءَ وَفِي غَيْرِهَا كَرَحْبَةِ الدَّارِ وَفَضَاءِ الْمُدُنِ بَلْ هُوَ خَاصٌّ بِالْفَضَاءِ خِلَافًا لح وَمَنْ تَبِعَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّخْمِيَّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ فِي الْمُدُنِ وَمَنَعَهُ فِي الصَّحْرَاءِ ذَكَرَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ فِي الصَّحْرَاءِ هَلْ هِيَ طَلَبُ السَّتْرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الْمُصَلِّينَ وَصَالِحِي الْجِنِّ؛ لِأَنَّهُمْ يَطُوفُونَ فِي الصَّحَارِي، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ سَاتِرٌ جَازَ لِوُجُودِ السَّاتِرِ أَوْ هِيَ تَعْظِيمُ الْقِبْلَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الصَّحَارِي وَالْمُدُنُ فَقَوْلُهُ وَهَذَا يَسْتَوِي إلَخْ أَيْ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الثَّانِيَ الَّذِي هُوَ مُخْتَارُهُ يَسْتَوِي فِيهِ الصَّحَارِي وَالْمُدُنُ فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ الْمَنْعُ فِيهِمَا لَكِنْ أُبِيحَ ذَلِكَ فِي الْمُدُنِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ قَبْلَهُ وَبَقِيَ مَا عَدَا الْمُدُنَ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ كَلَامُ بْن.
(قَوْلُهُ: أَنَّ اخْتِيَارَهُ خَاصٌّ بِالْفَضَاءِ) أَيْ الصَّحْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ كَرَحْبَةِ الدَّارِ وَفَضَاءِ الْمُدُنِ (قَوْلُهُ: فِيهِ طَرِيقَانِ) الْجَوَازُ لِعِيَاضٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَعَدَمُهُ لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: إنَّ الصُّوَرَ كُلَّهَا جَائِزَةٌ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ سِتَّةٌ: الْأُولَى قَضَاءُ الْحَاجَةِ وَالْوَطْءُ فِي الْفَضَاءِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا بِدُونِ سَاتِرٍ وَهَذِهِ حَرَامٌ قَطْعًا. الثَّانِيَةُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِي بَيْتِ الْخَلَاءِ الَّذِي فِي الْمَنْزِلِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا بِسَاتِرٍ وَهَذِهِ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا. الثَّالِثَةُ قَضَاؤُهَا فِيهِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا بِدُونِ سَاتِرٍ وَفِيهَا قَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ وَلَوْ كَانَ بَيْتُ الْخَلَاءِ بِالسَّطْحِ. الرَّابِعَةُ قَضَاؤُهَا فِي الْفَضَاءِ، وَمِثْلُهَا الْوَطْءُ فِيهِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا بِسَاتِرٍ وَفِيهَا قَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ. الْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ وَالْوَطْءُ بِحَوْشِ الْمَنْزِلِ بِسَاتِرٍ وَبِدُونِهِ وَفِيهِمَا قَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ فِيهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ فِيمَا ذُكِرَ كُلُّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لَا الْقَمَرَيْنِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ لَا فِي الْفَضَاءِ فَيَحْرُمُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ لِلْقِبْلَةِ لَا لِلْقَمَرَيْنِ إلَخْ فَالْمُقَدَّرُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُنَا لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ) الْمُرَادُ بِهِ الصَّخْرَةُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي كَانَتْ قِبْلَةً فَيُتَوَهَّمُ مَنْعُ اسْتِقْبَالِهَا حَالَةَ التَّحَدُّثِ وَالْجِمَاعِ لَا الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إذْ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَنْزِلِ أَوْ فِي الْفَضَاءِ بِسَاتِرٍ أَوْ لَا وَإِنَّمَا أَضْرَبَ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْحُرْمَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْكَرَاهَةِ لِصِدْقِهِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى.
[حُكْم الِاسْتِبْرَاء وصفته]
(قَوْلُهُ: وَوَجَبَ اسْتِبْرَاءٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَحْتَمِلُ