للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَنْفَالِ أَوْ غَيْرِهَا (قَبْلَ رُكُوعِهِ) لِيَقَعَ الرُّكُوعُ عَقِبَ قِرَاءَةٍ (وَلَا يَكْفِي عَنْهَا) أَيْ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَيْ بَدَلَهَا (رُكُوعٌ) أَيْ لَا يُجْعَلُ الرُّكُوعُ عِوَضًا عَنْهَا لِأَنَّهُ إنْ قُصِدَ بِهِ الرُّكُوعُ لِلصَّلَاةِ فَلَمْ يَسْجُدْهَا وَإِنْ قُصِدَ بِهِ السُّجُودُ فَقَدْ أَحَالَهَا عَنْ صِفَتِهَا وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِلْمَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ (وَإِنْ تَرَكَهَا) عَمْدًا (وَقَصَدَهُ) أَيْ الرُّكُوعَ بِانْحِطَاطٍ (صَحَّ) رُكُوعُهُ (وَكُرِهَ) لَهُ ذَلِكَ (و) إنْ تَرَكَهَا (سَهْوًا) عَنْهَا وَرَكَعَ فَذَكَرَهَا وَهُوَ رَاكِعٌ (اُعْتُدَّ بِهِ) أَيْ بِرُكُوعِهِ (عِنْدَ مَالِكٍ) مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ (لَا) عِنْدَ (ابْنِ الْقَاسِمِ) فَيَخِرُّ سَاجِدًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَبْتَدِئُ الرَّكْعَةَ وَيَقْرَأُ شَيْئًا وَيَرْكَع وَحِينَئِذٍ (فَيَسْجُدُ) بَعْدَ السَّلَامِ (إنْ اطْمَأَنَّ بِهِ) أَيْ بِرُكُوعِهِ الَّذِي تَذَكَّرَ فِيهِ أَنَّهُ تَرَكَهَا لِزِيَادَةِ الرُّكُوعِ وَأَوْلَى لَوْ رَفَعَ مِنْهُ سَاهِيًا وَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَكَعَ سَهْوًا إلَخْ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ قَصَدَ السُّجُودَ فَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ نَسِيَهُ فَرَكَعَ وَفِي هَذِهِ لَمْ يَقْصِدْ السُّجُودَ بَلْ قَصَدَ الرُّكُوعَ سَاهِيًا عَنْ السُّجُودِ فَلَمَّا رَكَعَ تَذَكَّرَهُ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ كَذَا قَرَّرَهُ وَالْحَقُّ التَّكْرَارُ لِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الرُّكُوعَ سَاهِيًا عَنْ السَّجْدَةِ فَقَدْ وُجِدَ قَصْدُ الْحَرَكَةِ لِلرُّكْنِ فَيَتَّفِقُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الطَّخِّيخِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ فَغَيْرُهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ

[دَرْسٌ] فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (نُدِبَ نَفْلٌ) فِي كُلِّ وَقْتٍ يَحِلُّ فِيهِ (وَتَأَكَّدَ) النَّدْبُ (بَعْدَ) صَلَاةِ (مَغْرِبٍ) وَبَعْدَ الذِّكْرِ الْوَارِدِ (ك) بَعْدَ (ظُهْرٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْأَعْرَافِ وَإِنَّمَا خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِيهَا عَدَمُ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ سُورَةٍ غَيْرِهَا عَدَمُ الِاقْتِصَارِ عَلَى سُورَةٍ مَعَ أَنَّ الْأَفْضَلَ الِاقْتِصَارُ عَلَى سُورَةٍ وَعَلَى هَذَا فَيُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ ذَاكَ وَقَدْ يُقَالُ لَا اسْتِثْنَاءَ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ قِرَاءَةً لِسُنَّةِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا هِيَ قِرَاءَةٌ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ الرُّكُوعُ وَاقِعًا عَقِبَ قِرَاءَةٍ كَمَا هُوَ طَرِيقَتُهُ وَأَمَّا سُنَّةُ الصَّلَاةِ فَقَدْ حَصَلَتْ بِالْقِرَاءَةِ قَبْلَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ.

(قَوْلُهُ لِيَقَعَ الرُّكُوعُ عَقِبَ قِرَاءَةٍ) أَيْ كَمَا هُوَ سُنَّتُهُ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُجْعَلُ الرُّكُوعُ عِوَضًا عَنْهَا) أَيْ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوَّلًا وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ يَكْفِي عَنْهَا الرُّكُوعُ وَكَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّذَلُّلِ وَأَمَّا سُجُودُ الصَّلَاةِ فَلَا يُمْكِنُ نِيَابَتُهُ عَنْهَا لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِالِانْحِنَاءِ.

(قَوْلُهُ فَلَمْ يَسْجُدْهَا) أَيْ كَانَ تَارِكًا لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الرُّكُوعِ الَّذِي فَعَلَهُ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَقْصِدْ الرُّكُوعَ الرُّكْنِيَّ.

(قَوْلُهُ فَقَدْ أَحَالَهَا) أَيْ غَيَّرَهَا.

(قَوْلُهُ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَرَامٌ وَأَنَّهَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَبِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَاسْتَظْهَرَ قَالَهُ شَيْخُنَا وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ الرُّكُوعُ أَوْ يُطَالَبُ بِرُكُوعٍ آخَرَ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ.

(قَوْلُهُ وَقَصَدَهُ) أَيْ الرُّكُوعَ الرُّكْنِيَّ وَقَصَدَ نِيَابَتَهُ عَنْهَا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَقْصِدْ نِيَابَتَهُ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَرَكَعَ) أَيْ قَاصِدًا الرُّكُوعَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ اعْتَدَّ بِهِ) أَيْ فَيَمْضِي عَلَيْهِ وَيَرْفَعُ لِرَكْعَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَيَقْرَأُ شَيْئًا) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ فَيَبْتَدِئُ الرَّكْعَةَ.

(قَوْلُهُ كَذَا قَرَّرَ) أَيْ كَذَا قَرَّرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَبَهْرَامُ وَالْبِسَاطِيُّ.

(قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الطَّخِّيخِيُّ) حَاصِلُ كَلَامِ الطَّخِّيخِيِّ أَنَّ تَارِكَ السَّجْدَةِ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا نِسْيَانًا وَيَرْكَعَ قَاصِدًا الرُّكُوعَ مِنْ أَوَّلِ انْحِطَاطِهِ وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا عَمْدًا وَيَقْصِدَ الرُّكُوعَ وَأَمَّا أَنْ يَقْصِدَهَا أَوَّلًا وَيَنْحَطَّ بِنِيَّتِهَا فَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ ذُهِلَ عَنْهَا فَنَوَى الرُّكُوعَ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ بِاتِّفَاقِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ قَصْدَ الْحَرَكَةِ لِلرُّكُوعِ قَدْ وُجِدَ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يُعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ أَيْضًا لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَرَكَهَا وَقَصَدَهُ صَحَّ وَكُرِهَ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ خِلَافٌ بَيْنَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَيُعْتَدُّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ فَيَتَّفِقُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الصِّحَّةِ) هَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ فَطَرِيقَتُهُ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي الصُّورَتَيْنِ فَالتَّقْرِيرُ الْأَوَّلُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَمَنْ مَعَهُ ظَاهِرٌ عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقَةِ اُنْظُرْ بْن

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ) (قَوْلُهُ نُدِبَ نَفْلٌ) النَّفَلُ لُغَةً الزِّيَادَةُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا زَادَ عَلَى الْفَرْضِ وَعَلَى السُّنَّةِ وَالرَّغِيبَةِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمَا بَعْدُ وَاصْطِلَاحًا مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ أَيْ يَتْرُكُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَيَفْعَلُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتْرُكُهُ رَأْسًا لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّهُ إذَا عَمِلَ عَمَلًا مِنْ الْبِرِّ لَا يَتْرُكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ رَأْسًا وَهَذَا الْحَدُّ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ نَحْوِ أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَلِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُدَاوِمُ عَلَيْهَا وَأَمَّا السُّنَّةُ فَهِيَ لُغَةً الطَّرِيقَةُ وَاصْطِلَاحًا مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَظْهَرَهُ حَالَةَ كَوْنِهِ فِي جَمَاعَةٍ وَدَاوَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ وَالْمُؤَكَّدُ مِنْ السُّنَنِ مَا كَثُرَ ثَوَابُهُ كَالْوَتْرِ وَأَمَّا الرَّغِيبَةُ فَهِيَ لُغَةً مَا حُضَّ عَلَيْهِ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ وَاصْطِلَاحًا مَا رَغَّبَ فِيهِ الشَّارِعُ وَحْدَهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فِي جَمَاعَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ حَدَّهُ تَحْدِيدًا بِحَيْثُ لَوْ زِيدَ فِيهِ عَمْدًا أَوْ نُقِصَ عَمْدًا لَبَطَلَ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ صَادِقٌ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ فَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» لَا يُفِيدُ التَّحْدِيدَ بِحَيْثُ لَا يَصِحُّ غَيْرُهَا.

(قَوْلُهُ وَتَأَكَّدَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ دَقِيقٍ الْعِيدُ فِي تَقْدِيمِ النَّوَافِلِ عَلَى الْفَرَائِضِ وَتَأْخِيرِهَا عَنْهَا مَعْنًى لَطِيفٌ مُنَاسِبٌ أَمَّا فِي التَّقْدِيمِ فَلِأَنَّ النُّفُوسَ لِاشْتِغَالِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>