للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَكُونُ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَهُ وَنِصْفُ الزَّرْعِ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ لِلْبَائِعِ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ لِلْمُبْتَاعِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَعَلَى الْبَائِعِ كِرَاءُ نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقَّةِ إنْ كَانَ الْإِبَّانُ حِينَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بَاقِيًا؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ وَقَعَ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ فَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِي نَظِيرِ النِّصْفِ الْآخَرِ (أَوْ لَا) يُشَفَّعُ (فَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ) لِبَائِعِهِ، وَأَخْذِ بِقِيمَةِ ثَمَنِهِ وَفِي التَّمَاسُكِ بِنِصْفِ الْأَرْضِ بِزَرْعِهَا فَلَا يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا (الْقِسْمَةُ) ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ قِسْمَةُ مَنَافِعَ، وَهِيَ الْمُهَايَأَةُ وَتَرَاضٍ وَقُرْعَةٍ فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (تَهَايُؤٌ) بِيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ أَوْ نُونٍ فَهَمْزَةٍ الْأَوَّلُ مِنْ الْمُهَايَأَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَيَّأَ لِصَاحِبِهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَالثَّانِي مِنْ الْمُهَانَأَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ (فِي زَمَنٍ) مُعَيَّنٍ (كَخِدْمَةِ عَبْدٍ) وَرُكُوبٍ دَابَّةٍ (شَهْرًا) لَا أَكْثَرَ (وَسُكْنَى دَارٍ سِنِينَ) يَشْمَلُ اتِّحَادَ الْعَبْدِ وَالدَّارِ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِلْكًا أَوْ إجَارَةً يَسْتَخْدِمُ كُلٌّ مِنْهَا أَوْ مِنْهُمْ الْعَبْدَ مَثَلًا شَهْرًا أَوْ جُمُعَةَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الزَّمَنِ قَطْعًا إذْ بِهِ يُعْرَفُ قَدْرُ الِانْتِفَاعِ وَإِلَّا فَسَدَتْ وَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ كَأَنْ يَكُونَ لِشَرِيكَيْنِ عَبْدَانِ أَوْ دَارَانِ يَسْتَخْدِمُ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ أَوْ يَسْكُنُ إحْدَى الدَّارَيْنِ وَالْآخَرُ يَسْتَخْدِمُ الثَّانِيَ أَوْ يَسْكُنُ الثَّانِيَةَ، وَفِي هَذِهِ خِلَافٌ فَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّمَنِ وَإِلَّا فَسَدَتْ وَقِيلَ لَا، وَعَلَيْهِ فَإِنْ عُيِّنَ الزَّمَنُ فَهِيَ لَازِمَةٌ وَإِلَّا فَلَا، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَنْحَلَ مَتَى شَاءَ (كَالْإِجَارَةِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَاسْتَشْفَعَ أَنَّ هُنَا تَخْيِيرَيْنِ أَحَدُهُمَا سَابِقٌ عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ سَابِقًا وَاسْتَشْفَعَ فَأَتَى بِهَا هُنَا لِزِيَادَةِ الْفَائِدَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَعَدَمِ الْأَخْذِ وَأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا وَاسْتَشْفَعَ مَعْنَاهُ إنْ شَاءَ لَا أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ التَّحَتُّمِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ وَاسْتَشْفَعَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ هُنَا وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ تَحَتُّمُ الِاسْتِشْفَاعِ، وَهُوَ يُنَافِي مَا هُنَا مِنْ التَّخْيِيرِ اهـ.

(فَرْعٌ) إذَا بَاعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ مِنْ شَائِعٍ عَلَى اسْمِهِ مِنْ نَصِيبِهِ فَلِشَرِيكِهِ إمْضَاءُ فِعْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي الثَّمَنِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَهُ أَنْ يُقَاسِمَ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ حِينَ الْأَخْذِ إلَخْ) الْأَوْلَى حِينَ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ بَيْعٌ، وَمَنْ زَرَعَ أَرْضًا وَبَاعَهَا دُونَ زَرْعِهَا فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ

[بَابٌ فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا]

بَابٌ فِي الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ وَأَقْسَامُهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ حَقِيقَتَهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنْوَاعَهَا (قَوْلُهُ، وَهِيَ الْمُهَايَأَةُ) بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ، وَهِيَ الْإِعْدَادُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالتَّجْهِيزُ يُقَالُ هَيَّأَ الشَّيْءَ لِصَاحِبِهِ أَيْ أَعَدَّهُ وَجَهَّزَهُ لَهُ وَيُقَالُ أَيْضًا بِالنُّونِ (قَوْلُهُ تَهَايُؤٌ) أَيْ مِنْ شَرِيكَيْنِ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ لِلِاسْتِعْمَالِ كَدَارٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ يَسْكُنُ فِيهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا هَذَا الشَّهْرُ، وَالثَّانِي الشَّهْرُ الَّذِي بَعْدَهُ أَوْ أَحَدُهُمَا يَسْكُنُهَا سَنَةَ كَذَا وَالْآخَرُ يَسْكُنُهَا سَنَةَ كَذَا الَّتِي بَعْدَهَا أَوْ أَحَدُهُمَا يَسْكُنُهَا سَنَةَ كَذَا وَالْآخَرُ السَّنَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَهَا إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْيِينِ الزَّمَانِ مُسَاوَاةُ الْمُدَّةِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُ فِيهَا أَحَدُهُمَا لِلْمُدَّةِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُ فِيهَا الْآخَرُ.

وَانْظُرْ هَلْ مِنْ تَعْيِينِ الزَّمَانِ التَّقْيِيدُ بِشَهْرٍ دُونَ تَعْيِينِهِ بِكَوْنِهِ رَبِيعًا مَثَلًا أَيْ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ أَوْ لَيْسَ ذَلِكَ تَعْيِينًا وَحِينَئِذٍ فَالْقِسْمَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَالثَّانِي هُوَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّهُ تَعْيِينٌ (قَوْلُهُ أَوْ نُونٌ) أَيْ مَضْمُومَةٌ فَهَمْزَةٌ وَيَجُوزُ قَلْبُ الْهَمْزَةِ يَاءً وَحِينَئِذٍ تُقْلَبُ ضَمَّةُ النُّونِ الْوَاقِعَةِ قَبْلَهَا كَسْرَةً (قَوْلُهُ لَا أَكْثَرَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي يَقَعُ الْقَبْضُ بَعْدَهَا هُنَا كَالْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ إجَارَةُ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ لَا يَجُوزُ فِي الْمُهَايَأَةِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ وَهُنَا كَذَلِكَ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَدَتْ) أَيْ وَإِلَّا يُعَيَّنْ الزَّمَانُ فَسَدَتْ كَأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَسْتَعْمِلُهُ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ وَالْآخَرُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ) أَيْ الْمَقْسُومَ الْمُتَعَدِّدَ مِنْ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَالدُّورِ (قَوْلُهُ فَقِيلَ يُشْتَرَطُ) أَيْ فِي صِحَّتِهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا إلَخْ) أَيْ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا تَعْيِينُ الزَّمَنِ بَلْ التَّعْيِينُ شَرْطٌ فِي لُزُومِهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحُ، وَتَحَصَّلَ مِمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ إنْ عُيِّنَ الزَّمَنُ صَحَّتْ وَلَزِمَتْ فِي الْمَقْسُومِ الْمُتَّحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ.

وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ فَسَدَتْ فِي الْمُتَّحِدِ اتِّفَاقًا وَفِي الْمُتَعَدِّدِ خِلَافٌ فَابْنُ الْحَاجِبِ يَقُولُ بِصِحَّتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ لَازِمَةٍ وَابْنُ عَرَفَةَ يَقُولُ بِفَسَادِهَا فَعِنْدَهُ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ الزَّمَنُ كَانَتْ فَاسِدَةً مُطْلَقًا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَّحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ وَعَلَى مَا لِابْنِ عَرَفَةَ حَمَلَ ابْنُ غَازِيٍّ وح كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِدَلِيلِ مِثَالِهِ، وَقَوْلُهُ فِي زَمَنٍ إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي زَمَنِ الْمُعَيَّنِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ اهـ.

اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ كَالْإِجَارَةِ) يُفْهَمُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِتَرَاضٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ كَالْبَيْعِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ جَعْلُ الْمُصَنِّفِ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ قَسِيمًا لَهَا؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ قَسِيمًا لَهَا بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهَا بِمِلْكِ الذَّاتِ وَالْمُهَايَأَةُ مُتَعَلِّقَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>