فَعَلَى وَلِيِّهِ خَافَ عَلَيْهِ، أَوْ لَا فَلَيْسَ التَّشْبِيهُ تَامًّا (بِلَا ضَرُورَةٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَكَذَا إنْ وَجَبَتْ لِضَرُورَةٍ.
وَلَمَّا كَانَتْ شُرُوطُ الْحَجِّ ثَلَاثَةَ أَضْرُبٍ: شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَشَرْطُ وُجُوبِ شَرْطِ وُقُوعِهِ فَرْضًا أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (وَشَرْطُ وُجُوبِهِ كَوُقُوعِهِ) أَيْ كَشَرْطِ وُقُوعِهِ (فَرْضًا) لِمَنْ أَحْرَمَ بِهِ (حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ) فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ وَلَا عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا يَقَعُ مِنْهُمْ فَرْضًا وَلَوْ نَوَوْهُ (وَقْتَ إحْرَامِهِ) قَيْدٌ فِي الْوُقُوعِ فَرْضًا فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ وَقْتَ الْإِحْرَامِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ حُرًّا أَوْ مُكَلَّفًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ لَمْ يَقَعْ فَرْضًا وَلَوْ عَتَقَ، أَوْ بَلَغَ، أَوْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُرْتَفَضُ إحْرَامُهُ وَلَا يُرْدَفُ عَلَيْهِ إحْرَامٌ آخَرُ (بِلَا نِيَّةِ نَفْلٍ) هُوَ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ إحْرَامٍ أَيْ شَرْطُ وُقُوعِهِ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَقْتَ إحْرَامِهِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْإِحْرَامِ خَالِيًا مِنْ نِيَّةِ نَفْلٍ بِأَنْ نَوَى الْفَرْضَ، أَوْ أَطْلَقَ وَيَنْصَرِفُ لِلْفَرْضِ فَإِنْ نَوَى وَقْتَ إحْرَامِهِ النَّفَلَ وَقَعَ نَفْلًا وَالْفَرْضُ بَاقٍ عَلَيْهِ.
(وَوَجَبَ) الْحَجُّ (بِاسْتِطَاعَةٍ) لَمْ يَقُلْ " وَاسْتِطَاعَةٌ " بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " حُرِّيَّةٌ " لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وُقُوعِهِ فَرْضًا الِاسْتِطَاعَةُ كَمَا أَنَّهَا تُشْتَرَطُ فِي الْوُجُوبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ لَوْ تَكَلَّفَهُ غَيْرُ الْمُسْتَطِيعِ وَهُوَ ضَرُورَةٌ فَرْضًا فَشَرْطُ وُقُوعِهِ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَعَدَمُ النَّفْلِ وَشَرْطُ وُجُوبِهِ الْأَوَّلَانِ وَالِاسْتِطَاعَةُ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْحَرَمُ فَلِذَا أَجْرَى فِيهِ التَّفْصِيلَ بِخِلَافِ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ مُحْرِمًا فَإِنَّ الْإِحْرَامَ هُوَ الَّذِي أَثَّرَ فِيهِ فَلِذَا كَانَ فِيهِ الْجَزَاءُ عَلَى الْوَلِيِّ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَسَبَّبَ فِي إحْرَامِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا لَزِمَهُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ فَهُوَ عَلَى الْوَلِيِّ مُطْلَقًا وَلَوْ خَشِيَ ضَيَاعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي إدْخَالِهِ الشَّكَّ. (قَوْلُهُ: بَلْ وَكَذَا إنْ وَجَبَتْ) أَيْ الْفِدْيَةُ لِضَرُورَةٍ أَيْ كَمَا إذَا اسْتَعْمَلَ الطِّيبَ بِقَصْدِ الْمُدَاوَاةِ، أَوْ لَبِسَ الثِّيَابَ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْفِدْيَةِ لِلْوَلِيِّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ لَزِمَتْهُ لِضَرُورَةٍ، أَوْ لِغَيْرِهَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَمَا فِي تت مِنْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ لِضَرُورَةٍ فَهِيَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ تَبَعًا لِبَهْرَامَ وَالْبِسَاطِيِّ وَنَسَبَهُ بَهْرَامُ لِلْجَوَاهِرِ فَقَدْ رَدَّهُ ح بِأَنَّ صَاحِبَ الْجَوَاهِرِ لَمْ يَقُلْ إذَا كَانَتْ لِضَرُورَةٍ فَفِي مَالِ الصَّبِيِّ اُنْظُرْ بْن.
[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ]
(قَوْلُهُ: كَوُقُوعِهِ فَرْضًا) إنْ قُلْت الشَّيْءُ إذَا لَمْ يَجِبْ لَمْ يَقَعْ فَرْضًا، وَإِذَا وَجَبَ وَقَعَ فَرْضًا فَلِمَ نَصَّ عَلَى قَوْلِهِ كَوُقُوعِهِ فَرْضًا مَعَ قَوْلِهِ وَشَرْطُ وُجُوبِهِ الْمُسْتَلْزِمُ لِوُقُوعِهِ فَرْضًا قُلْتُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ وَاجِبًا عَلَى الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ أَنْ يَقَعَ فَرْضًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَلَا يَقَعَ فَرْضًا كَالْمَنْذُورِ وَكَمَا إذَا نَوَى بِهِ النَّفَلَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الشُّرُوعُ فَقَدْ تَحَقَّقَ الْوُجُوبُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْوُقُوعُ فَرْضًا وَلَمَّا كَانَ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ كَوْنِهِ وَاجِبًا عَلَى الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ وَوُقُوعِهِ مِنْهُ فَرْضًا احْتَاجَ لِلتَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ كَوُقُوعِهِ فَرْضًا وَكَذَلِكَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الشَّيْءَ إذَا لَمْ يَجِبْ لَمْ يَقَعْ فَرْضًا أَلَا تَرَى الْمَرْأَةَ وَالْعَبْدَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا الْجُمُعَةُ، وَإِذَا صَلَّيَاهَا وَنَوَيَا بِهَا الْفَرْضَ وَقَعَتْ فَرْضًا فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ كَوُقُوعِهِ فَرْضًا لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْعَبْدَ وَالصَّبِيَّ إذَا فَعَلَاهُ يَقَعُ فَرْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَقَعُ مِنْهُمْ فَرْضًا) أَيْ وَإِنَّمَا يَقَعُ مِنْهُمْ نَفْلًا وَقَوْلُهُ وَلَوْ نَوَوْهُ أَيْ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ لَكِنْ لَوْ صَلَّوْهَا وَنَوَوْا بِهَا الْفَرْضَ وَقَعَتْ مِنْهُمْ فَرْضًا. (قَوْلُهُ: قَيْدٌ فِي الْوُقُوعِ) أَيْ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ كَمَا أَنَّ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةِ نَفْلٍ كَذَلِكَ، وَفِي جَعْلِهِ وَقْتَ إحْرَامِهِ قَيْدًا لِوُقُوعِهِ أَيْضًا نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ فَرْضًا فِي غَيْرِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَالتَّكْلِيفُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى جَعْلُ قَوْلِهِ " وَقْتَ إحْرَامِهِ " ظَرْفًا لِحُرِّيَّةٍ وَتَكْلِيفٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا شَرْطَانِ لِوُقُوعِهِ فَرْضًا وَالْمَعْنَى شَرْطُ وُقُوعِهِ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَقْتَ إحْرَامِهِ وَلَيْسَ ظَرْفًا لَهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا شَرْطَانِ لِوُجُوبِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى شَرْطُ وُجُوبِهِ حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَقْتَ إحْرَامِهِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُتَّصِفِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالِاسْتِطَاعَةِ وَالتَّكْلِيفِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ وَقْتَ إحْرَامٍ) أَيْ لَا يَتَقَيَّدُ بِالِاتِّصَافِ بِهِمَا وَقْتَ الْإِحْرَامِ بَلْ مَتَى اتَّصَفَ الشَّخْصُ بِالْحُرِّيَّةِ وَالتَّكْلِيفِ وَالِاسْتِطَاعَةِ وَجَبَ الْحَجُّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ اتِّصَافُهُ بِمَا ذُكِرَ وَقْتَ الْإِحْرَامِ أَوْ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ فَرْضًا) أَيْ وَإِنَّمَا يَقَعُ نَفْلًا وَلَا يَنْقَلِبُ فَرْضًا إذَا عَتَقَ، أَوْ بَلَغَ، أَوْ أَفَاقَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْتَفِضُ إلَخْ) أَيْ لَوْ رَفَضَ ذَلِكَ الْإِحْرَامَ الْحَاصِلَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ وَأَحْرَمَ بَعْدَ الرَّفْضِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ كَانَ إحْرَامُهُ الثَّانِي بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُرْتَفَضْ. (قَوْلُهُ: أَيْ إحْرَامٍ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالشَّرْطُ غَيْرُ مَوْجُودٍ؛ لِأَنَّ الْمُضَافَ وَهُوَ وَقْتٌ غَيْرُ صَالِحٍ لِلْعَمَلِ فِي الْحَالِ وَلَا جُزْءٌ وَلَا كَجُزْءٍ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَالْأَوْلَى جَعْلُهُ حَالًا مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ الْهَاءُ لَا " إحْرَامٍ " أَيْ غَيْرُ مُلَابِسٍ لِلنَّفْلِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ عَمَلُ الْمُضَافِ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مَصْدَرٌ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ وَقْتَ الْإِحْرَام كَالْجُزْءِ مِنْهُ لِمُلَازَمَتِهِ لَهُ وَعَدَمِ انْفِكَاكِهِ عَنْهُ كَمُلَازَمَةِ الْجُزْءِ لِكُلِّهِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْصَرِفُ) أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَقَعَ نَفْلًا) أَيْ وَلَا يَقَعُ فَرْضًا وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ يَقَعُ فَرْضًا وَلَا عِبْرَةَ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَيُكْرَهُ تَقَدُّمُ النَّفْلِ عَلَى الْفَرْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى التَّرَاخِي أَمَّا عَلَى الْفَوْرِيَّةِ فَتَقْدِيمُ النَّفْلِ أَوْ النَّذْرِ عَلَى الْفَرْضِ حَرَامٌ.
(قَوْلُهُ: لَوَقَعُ فَرْضًا) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا وَصَلَ كَانَ مُسْتَطِيعًا فَمَا أَحْرَمَ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهِ قَالَهُ سَنَدٌ. (قَوْلُهُ: الْأَوَّلَانِ) أَيْ الْحُرِّيَّةُ وَالتَّكْلِيفُ وَالِاسْتِطَاعَةُ فَشُرُوطُ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute