كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَذَلِكَ مُنْحَصِرٌ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ (فَعَلَهَا) اسْتِنَانًا دُونَ مَا بَعْدَهَا طَالَ التَّرْكُ أَوْ لَا لِنَدْبِ تَرْتِيبِ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ (لِمَا يُسْتَقْبَلُ) مِنْ الصَّلَوَاتِ لَا إنْ أَرَادَ مُجَرَّدَ الْبَقَاءِ عَلَى الطَّهَارَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْقُرْبِ أَيْ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّى إنْ كَانَ التَّرْكُ سَهْوًا اتِّفَاقًا وَكَذَا إنْ كَانَ عَمْدًا عَلَى قَوْلٍ وَالْمُعْتَمَدُ نَدْبُ الْإِعَادَةِ وَقَوْلُنَا وَذَلِكَ مُنْحَصِرٌ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا غَسْلُ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ فَقَدْ نَابَ عَنْهُ الْفَرْضُ وَأَمَّا رَدُّ مَسْحِ الرَّأْسِ وَالِاسْتِنْثَارُ وَتَجْدِيدُ الْمَاءِ لِمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ فَفِعْلُهَا يُوقِعُ فِي مَكْرُوهٍ
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ فَضَائِلِهِ فَقَالَ (وَفَضَائِلُهُ) أَيْ مُسْتَحَبَّاتُهُ (مَوْضِعٌ طَاهِرٌ) أَيْ إيقَاعُهُ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ بِالْفِعْلِ وَشَأْنُهُ الطَّهَارَةُ فَيَخْرُجُ بَيْتُ الْخَلَاءِ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ فَيُكْرَهُ الْوُضُوءُ فِيهِ (وَقِلَّةُ الْمَاءِ) يَعْنِي تَقْلِيلَهُ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنَّ تَابِعَ اللُّمْعَةِ الَّتِي يُغْسَلُ مَعَهَا فِي حَالَةِ الْقُرْبِ مَا بَعْدَهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ لَا بَقِيَّةُ عُضْوِهَا فَلَا يَفْعَلُ قَالَ فِي المج وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعُضْوَ الْوَاحِدَ لَا يُسَنُّ التَّرْتِيبُ بَيْنَ أَجْزَائِهِ بَلْ رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ آخِرِ عِبَارَةِ خش وَغَيْرِهِ عَدَمُ إعَادَةِ الْيَسَارِ كَالسُّنَنِ لِلتَّرْتِيبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا) كَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُ الْمُوَطَّإِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَنَسِيَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ قَالَ يَتَمَضْمَضُ وَلَا يُعِيدُ غَسْلَ وَجْهِهِ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ نَسِيَ (قَوْلُهُ: فَعَلَهَا اسْتِنَانًا دُونَ مَا بَعْدَهَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَفْعَلُهَا اسْتِنَانًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لعج حَيْثُ قَالَ يَفْعَلُهَا نَدْبًا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ سُنَّةً كَالْمَضْمَضَةِ وَتَذَكَّرَهَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي فَرْضٍ فَلَا يَرْجِعُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ الْفَرْضِ، نَعَمْ يَفْعَلُهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي وَلِلْقَرَافِيِّ يَفْعَلُهَا بَعْدَ إكْمَالِ الْوُضُوءِ وَلَا يَقْطَعُ الْوُضُوءَ لَهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي النَّفْرَاوِيِّ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ مِنْهَا الْخُطْبَةُ لَا تُقْطَعُ لِلْأَذَانِ قَالَهُ فِي المج وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ مَوْجُودٌ فِي التَّرْكِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَكَلَامُ عبق يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي التَّرْكِ نِسْيَانًا.
وَأَمَّا إنْ كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِفِعْلِ مَا تَرَكَهُ قَبْلَ تَمَامِ وُضُوئِهِ قَطْعًا وَلَا يُعِيدُ مَا بَعْدَهُ وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ (قَوْلُهُ: لِنَدْبِ تَرْتِيبِ السُّنَنِ إلَخْ) عِلَّةً لِقَوْلِهِ دُونَ مَا بَعْدَهَا أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يَفْعَلْ مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ مَنْدُوبٌ وَالْمَنْدُوبُ إذَا فَاتَ لَا يُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ لِعَدَمِ التَّشْدِيدِ فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْقُرْبِ) وَإِلَّا فَعَلَهَا إنْ أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى طَهَارَةٍ وَالطُّولُ هُنَا بِالْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ وَالْقُرْبُ بِعَدَمِ الْفَرَاغِ مِنْهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ نَدْبُ الْإِعَادَةِ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِهَا كَمَا قِيلَ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ عَمْدًا، فَإِنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا وُجُوبُ الْإِعَادَةِ لِضَعْفِ أَمْرِ الْوُضُوءِ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً كَذَا قِيلَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ السُّنَّةِ الدَّاخِلَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالْخَارِجَةِ عَنْهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الدَّاخِلَةِ وَالْخَارِجَةِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ وَعَلَيْهِ يَأْتِي مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فِي تَرْكِ الْمُوَالَاةِ عَمْدًا عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا (قَوْلُهُ: قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى تَرْكِهِ بِأَنْ نَكَّسَ فَرْضًا وَقَدَّمَهُ عَنْ مَحَلِّهِ وَحَيْثُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَرْكِهِ فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي كَلَامِهِ هُنَا، وَإِلَّا تَكَرَّرَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ نَابَ عَنْهُ الْفَرْضُ) أَيْ وَهُوَ غَسْلُهُمَا بِمِرْفَقَيْهِ (قَوْلُهُ: يُوقِعُ فِي مَكْرُوهٍ) أَيْ وَهُوَ تَجْدِيدُ الْمَاءِ لِمَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْأَوَّلِ وَإِعَادَةِ الِاسْتِنْشَاقِ فِي الثَّانِي وَتَكْرَارِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ فِي الثَّالِثِ وَفِي بْن اُنْظُرْ هَذَا أَيْ قَوْلَهُ وَتَجْدِيدُ الْمَاءِ لِمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي ح أَنَّ التَّجْدِيدَ يُفْعَلُ وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ مَا نَصُّهُ فَمَنْ مَسَحَهُمَا أَيْ الْأُذُنَيْنِ مَعَ رَأْسِهِ أَوْ تَرَكَهُمَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا لَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ إلَّا أَنَّا نَأْمُرُهُ بِالْمَسْحِ لِمَا يُسْتَقْبَلُ وَنَعِظُهُ فِي الْعَمْدِ اهـ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا لَيْسَ نَصًّا صَرِيحًا لِاحْتِمَالِ قَصْرِ قَوْلِهِ نَأْمُرُهُ بِالْمَسْحِ عَلَى فَرْعِ التَّرْكِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمَرَّةِ فِي الْأُذُنَيْنِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَدَرْءُ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ.
[فَضَائِل الْوُضُوء]
(قَوْلُهُ: أَيْ مُسْتَحَبَّاتُهُ) أَيْ خِصَالُهُ وَأَفْعَالُهُ الْمُسْتَحَبَّةُ الَّتِي يُثَابُ عَلَيْهَا وَلَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ إيقَاعُهُ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ) إنَّمَا قَدَّرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ: فَيَخْرُجُ بَيْتُ الْخَلَاءِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا بِالْفِعْلِ لَكِنْ لَيْسَ شَأْنُهُ الطَّهَارَةَ فَيُكْرَهُ الْوُضُوءُ فِيهِ وَأَوْلَى غَيْرُهُ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُتَنَجِّسَةِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي تَقْلِيلَهُ) أَيْ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ بِكَوْنِهِ مُسْتَحَبًّا إنَّمَا هُوَ التَّقْلِيلُ لَا الْقِلَّةُ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ وَهُوَ الَّذِي يَجْعَلُهُ عَلَى الْعُضْوِ قَلِيلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَقْلِيلَ الْمَاءِ الْمُعَدِّ لِلْوُضُوءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute