للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ يَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ وَتَارَةً يَكُونُ ثَمَنًا إنْ بَاعَ فِي آخِرِ الْأَجَلِ أَوْ مَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ يَبِعْ فَتَرَدَّدَ الْعَقْدُ بَيْنَ الْمَمْنُوعِ وَهُوَ إجَارَةٌ وَسَلَفٌ، وَالْجَائِزِ وَهُوَ الثَّمَنُ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ بَاعَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ لَا يَرُدُّ لَهُ بَاقِيَ الثَّمَنِ بَلْ يَتْرُكُهُ لَهُ أَوْ يَأْتِيهِ بِطَعَامٍ آخَرَ يَبِيعُهُ لَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَهُوَ كَذَلِكَ.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى أَشْيَاءَ تَجُوزُ فِي الْإِجَارَةِ بِقَوْلِهِ [دَرْسٌ] (وَجَازَ) أَيْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى دَابَّةٍ (بِنِصْفِ) بِجَرِّ نِصْفِ بِالْبَاءِ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بِحَذْفِهَا فَنِصْفُ مَرْفُوعٌ بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ جَازَ الْعَائِدِ عَلَى الْكِرَاءِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَيْ وَجَازَ كِرَاءٌ هُوَ نِصْفُ (مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا) أَيْ الدَّابَّةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ مَا يَحْتَطِبُهُ عَلَيْهَا بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ قَيَّدَ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ لِي وَيَوْمٍ لَك أَمْ لَا كَنَقْلَةٍ لِي وَنَقْلَةٍ لَك فَالْأُجْرَةُ هُنَا مَعْلُومَةٌ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا عَنْ نِصْفِ ثَمَنِ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ، وَمِثْلُ السَّفِينَةِ الدَّابَّةُ وَالشَّبَكَةُ وَنَحْوُهُمَا فَيَجُوزُ بِنِصْفِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا مِنْ مَكَان مُعَيَّنٍ فَلَا مَفْهُومَ لِدَابَّةٍ، وَلَا لِنِصْفٍ.

(وَ) جَازَ (صَاعُ دَقِيقٍ) يَدْفَعُهُ رَبُّ الْقَمْحِ وَنَحْوُهُ لِمَنْ يَطْحَنُهُ لَهُ (مِنْهُ) أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فِي نَظِيرِ طَحْنِهِ (أَوْ) صَاعٌ (مِنْ زَيْتٍ) يَدْفَعُهُ رَبُّ الزَّيْتُونِ لِمَنْ يَعْصِرُهُ لَهُ أُجْرَةً لِعَصْرِهِ (لَمْ يَخْتَلِفْ) أَيْ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ كُلٌّ مِنْ الْحَبِّ أَوْ الزَّيْتُونِ فِي الْخُرُوجِ فَإِنْ اخْتَلَفَ بِأَنْ كَانَ تَارَةً يَخْرُجُ مِنْهُ الدَّقِيقُ أَوْ الزَّيْتُ وَتَارَةً لَا مُنِعَ لِلْجَهَالَةِ فَإِنْ شَكَّ فِي الْخُرُوجِ حُمِلَ فِي الزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ كَبَذْرِ السِّمْسِمِ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ فَيُمْنَعُ، وَفِي الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْخُرُوجِ فَيَجُوزُ.

(وَ) جَازَ (اسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ) الْمُؤَجِّرِ لِدَارِهِ أَوْ دَابَّتِهِ مَثَلًا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا لِتُهْمَةِ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً

ــ

[حاشية الدسوقي]

تَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَعْطَاهُ إرْدَبَّيْنِ أَحَدَهُمَا فِي مُقَابَلَةِ دِينَارٍ وَالسَّمْسَرَةِ عَلَى الْإِرْدَبِّ الثَّانِي عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَقَدْ قَبَضَ الْإِجَارَةَ عَلَى الْإِرْدَبِّ الثَّانِي وَهُوَ نِصْفُ الْإِرْدَبِّ الْأَوَّلِ فَإِذَا بَاعَ الْإِرْدَبَّ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ رَدَّ نِصْفَ نِصْفَ الْإِرْدَبِّ الَّذِي أَخَذَهُ فِي مُقَابَلَةِ السَّمْسَرَةِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ بَاعَ الْإِرْدَبَّ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ أَوْ مَضَى الْعَاشِرُ، وَلَمْ يَبِعْ فَلَا يَرُدُّ شَيْئًا فَقَدْ تَرَدَّدَتْ تِلْكَ الْأُجْرَةُ وَهِيَ نِصْفُ الْإِرْدَبِّ بَيْنَ كَوْنِ بَعْضِهِ إجَارَةً وَبَعْضِهِ سَلَفًا وَبَيْنَ كَوْنِ كُلِّهِ ثَمَنًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ) أَيْ الْبَاقِي مِنْ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا أَيْ فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا مُنِعَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْأَجِيرُ أَنَّهُ إنْ بَاعَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا، وَإِلَّا جَازَ.

[عَقْدِ الْإِجَارَة عَلَى دَابَّة بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِب عَلَيْهَا]

(قَوْلُهُ: بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ جَازَ) فِيهِ أَنَّهُ لَا تَتَعَيَّنُ الْبَدَلِيَّةُ بَلْ الْمُتَبَادَرُ أَنَّ نَفْسَ نِصْفِ فَاعِلُ جَازَ أَيْ جَازَ جَعْلُهُ أَجْرًا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ مَا يَحْتَطِبُهُ عَلَيْهَا) أَيْ وَبِشَرْطِ أَلَا يَزِيدَ عَلَى الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا تَأْخُذَ نِصْفَك إلَّا بَعْدَ نَقْلِهِ مُجْتَمَعًا لِمَوْضِعِ كَذَا فَإِنْ زَادَ ذَلِكَ مُنِعَ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ بِأَنْ تَجْرِيَ الْعَادَةُ أَنَّ الِاحْتِطَابَ كُلُّ يَوْمٍ نَقْلَتَيْنِ كُلُّ نَقْلَةٍ قَدْرُ قِنْطَارٍ مَثَلًا أَوْ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قَيَّدَ) أَيْ الِاحْتِطَابَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: كَنَقْلَةٍ لِي) أَيْ قَدْرِهَا كَذَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا جَازَ يَوْمٌ لِي وَيَوْمٌ لَك أَوْ نَقْلَةٌ لِي قَدْرُهَا كَذَا وَنَقْلَةٌ لَك جَازَ بِالْأَوْلَى كُلُّ نَقْلَةٍ نِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لَك (قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ الْغَرَرِ) أَيْ بِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ، وَهَذِهِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَارَّةِ فِي قَوْلِهِ وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فَمَا حَصَلَ مِنْ أُجْرَةِ الْحَمْلِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ الْمَحْمُولِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالشَّبَكَةُ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجَوِّزُ دَفْعَ الشَّبَكَةِ لِمَنْ يَصِيدُ بِهَا يَوْمًا لِنَفْسِهِ وَيَوْمًا لِصَاحِبِهَا، وَفِي الشَّهْرَيْنِ كَثِيرٌ لِظُهُورِ الْجَهَالَةِ. اهـ.

شب لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ شَرْطُ الْجَوَازِ، وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ قَدْرَ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَا يُصَادُ بِالشَّبَكَةِ لَا يُعْلَمُ قَدْرُهُ بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا الشَّرْطُ فِي شَبَكَةِ الصَّيْدِ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي شَبَكَةِ الْحَمْلِ، وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَيَجُوزُ بِنِصْفِ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى السَّفِينَةِ أَوْ يَحْمِلُ فِي الشَّبَكَةِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مُعَيَّنًا) أَيْ إذَا كَانَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مُعَيَّنًا كَحَطَبٍ أَوْ تِبْنٍ أَوْ حَشِيشٍ مِنْ بَلَدٍ مُعَيَّنَةٍ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ قَدْرَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا أَوْ فِيهَا كُلُّ يَوْمٍ مَثَلًا لَا إنْ كَانَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَ مِنْ بَلَدٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كَنِصْفِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا فِي السَّنَةِ.

(تَنْبِيهٌ) ، وَلَوْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَ أَخْذِ الْعَامِلِ مَا يَخُصُّهُ وَقَبْلَ أَخْذِ رَبِّهَا فَلِرَبِّهَا أَنْ يَأْتِيَهُ بِأُخْرَى يَعْمَلُ لَهُ عَلَيْهَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لِرَبِّهَا كِرَاؤُهَا، وَهُوَ أَبْيَنُ، وَأَمَّا لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ أَخْذِ رَبِّهَا مَا يَخُصُّهُ وَقَبْلَ أَخْذِ الْعَامِلِ فَعَلَى رَبِّهَا أُجْرَةُ عَمَلِهِ، وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُكَلِّفَ رَبَّهَا دَابَّةً أُخْرَى.

(قَوْلُهُ: أَوْ صَاعٌ مِنْ زَيْتٍ) قَدَّرَ الشَّارِحُ صَاعٌ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ مِنْ زَيْتٍ عَطْفٌ عَلَى دَقِيقٍ لَا عَلَى قَوْلِهِ مِنْهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَسَلُّطُ الدَّقِيقِ عَلَى الزَّيْتِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، وَجَعَلَهُ الْبَدْرُ عَطْفًا عَلَى " مِنْهُ " (قَوْلُهُ: أَيْ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ كُلٌّ مِنْ الْحَبِّ وَالزَّيْتُونِ فِي الْخُرُوجِ) كَأَنْ كَانَ الْحَبُّ دَائِمًا يَخْرُجُ مِنْهُ دَقِيقٌ وَذَلِكَ الدَّقِيقُ دَائِمًا جَيِّدٌ أَوْ مُتَوَسِّطٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي الزَّيْتِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَفَ) أَيْ فَإِنْ تَحَقَّقَ اخْتِلَافُ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَّ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ: حُمِلَ فِي الزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ) أَيْ لِكَوْنِهِ الشَّأْنَ فِيهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحِنْطَةِ فَإِنَّ الشَّأْنَ فِيهَا خُرُوجُ الدَّقِيقِ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ اسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْ بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِجِنْسِ الْأَجْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>